قال محمد بن رشد: قد بين ابن القاسم وجه قوله فيما أجازه من أن يأخذ الدين من ويبة قمح نصفها قمحا ونصفها دقيقا أو شعيرا أو تمرا، وجعل أشهب في رواية ابن أبي جعفر عنه الويبة الواحدة كالدينار الواحد، فلم يجز ذلك فيها؛ وقول ابن القاسم أصح؛ لأن الويبة الواحدة كالدنانير والدراهم المجموعة، ولا اختلاف عندهم في أنه يجوز أن يأخذ من ويبتي قمح ويبة قمح وويبة دقيق أو شعير أو تمر؛ وإنما لم يجز إذا كان له عليه ويبة محمولة أن يأخذ منه فيها نصف ويبة سمراء ونصف ويبة شعير؛ لأن السمراء أفضل من المحمولة، والشعير أدنى منها، فإذا فعل ذلك، آل الأمر بينهما إلى التفاضل بين السمراء والمحمولة، وبين المحمولة والشعير؛ لأن الذي عليه الويبة المحمولة، لم يكن ليعطيه في نصفها نصف ويبة من سمراء، لولا ما أخذ منه في النصف الآخر نصف ويبة من شعير.
وكذلك الذي له الويبة المحمولة، لم يكن ليأخذ منه في نصفها نصف ويبة من شعير، لولا ما أعطاه في نصف الآخر نصف ويبة من سمراء، فلا اختلاف في هذا، وكذلك لو أخذ منه نصف ويبة سمراء، وفي النصف الآخر صنفا آخر تمرا أو ما أشبهه، لم يجز باتفاق؛ ولو كان له عليه ويبة سمراء، فأراد أن يأخذ منه بها نصف ويبة محمولة، ونصف ويبة شعيرا، أو كان له عليه ويبة شعير، فأراد أن يأخذ منه نصف ويبة سمراء، ونصف ويبة محمولة، لجاز ذلك على أحد قولي ابن القاسم في المدونة؛ وقول أشهب فيها خلاف ظاهر قول ابن القاسم في هذه الرواية؛ وفي رسم إن خرجت بعد هذا، دليل على القولين؛ فهي