يشتري بالذهب الذي باع به الحنطة إلى أجل تمرا من غير بائعه الذي باع منه الحنطة قبل أن يقبض منه الذهب، ويحيل الذي اشترى منه التمر على غريمه الذي باع منه الحنطة بالذهب الذي له عليه في ثمن التمر، فلا بأس بذلك؛ قال مالك: وقد سألت عن ذلك غير واحد من أهل العلم، فلم يروا به بأسا؛ قلت لابن القاسم فلو أحال الذي عليه المائة الدينار بائع الطعام على غريم له عليه مائة دينار، فيجوز لبائع الطعام أن يأخذ من الذي احتال عليه بالمائة دينار طعاما؟ قال لا يجوز ذلك، قلت أفيجوز للذي اشترى منه بائع الطعام تمرا وأحاله بثمن التمر على المشتري للطعام؟ أيجوز لبائع التمر أن يأخذ من مشتري الطعام طعاما في المائة التي أحيل بها عليه؟ قال لا خير فيه.
قال محمد بن رشد: قوله فيمن باع طعاما بمائة إلى شهر، فلما حل الشهر اشترى من رجل آخر طعاما فأحاله عليه بالثمن، أنه لا بأس به صحيح؛ لأنه باع من رجل واشترى من غيره، فلم يكن في ذلك وجه من التهمة؛ ولو اشترى بمائة دينار بعينها طعاما من غيره لجاز أيضا، إذ لم يأخذ الطعام من الذي باع منه الطعام، فيتهم على أنه باع منه طعاما بطعام، فكيف إذا لم يشتر بها بعينها، وإنما اشترى على ذمته، ثم أحاله على ثمن الطعام؟ وليس في قوله في السؤال: فلما حل الشهر، دليل على أن ذلك لا يجوز قبل محل الشهر، بل جائز وإن لم يحل الشهر أن يشتري بها طعاما من غيره، وأن يشتري طعاما بمائة دينار حالة عليه ثم يحيل بها على المائة التي له من ثمن الطعام إلى شهر؛ لأنه يجوز للرجل أن يستحيل بما حل من دينه فيما حل وفيما لم يحل؛ ولما جاء النهي مجملا عن سعيد،