الطعام إلى اليومين والثلاثة، فإذا وقع ما سألت عنه أجزته، ولا آمر بالعمل به قبل أن يقع؛ وأما إذا كان الطعام إنما استسلفه إلى أجل ثم اشتراه المسلف بثمن إلى أجل، فهذا لا يحل؛ لأنه بيع الدين بالدين، صار أن رجع إليه طعامه بعينه وأوجب على نفسه ثمنا إلى أجل بطعام يقبضه إلى أجل، فهذا لا يحل؛ وإن كان أسلفه الطعام إلى أجل واشتراه بالنقد، فلا بأس به؛ لأن طعامه قد رجع إليه بعينه، وأعطاه ثمنا نقدا يأخذ به طعاما إلى أجل، فهو كالتسليف الصحيح.
قال محمد بن رشد: هذا الرسم بجملة المسألة التي فيه وقع فيه بعض الروايات، وكان يمضي لنا عند من أدركنا من الشيوخ أنه يقوم منها إجازة السلم الحال إذا وقع، وليس ذلك بصحيح؛ لأنه لم يقع فيها مقصودا إليه، ولو وقع مقصودا إليه بأن يسلم الرجل إلى الرجل دنانير في طعام يكون له حالا عليه يأخذ؛ به متى أحب، لما أجازه والله أعلم؛ لأنه من بيع ما ليس عندك، وقد مضى القول في بيع ما ليس عندك مستوفى في رسم حلف من سماع ابن القاسم؛ وقد قال أشهب إنه إنما كره من أجل أنه كأنه قيل له خذ هذه الدنانير فاشتر بها كذا وكذا، فما زاد فلك، وما نقص فعليك، فتدخله المخاطرة والغرر؛ وإنما أجازه؛ لأنهما فعلا فعلين جائزين صحيحين في الظاهر: قرض وابتياع، فلم يتهمهما على القصد إلى استجازة السلم الحال، إذ بعدت التهمة عنده عليهما في ذلك، فلم يفسخ ما آل أمرهما إليه في ذلك من السلم الحال وإن كان يفسخه لو فعلاه