يفت بعد القبض، وهو ظاهر ما في السلم الأول من المدونة؛ وأما قوله إن السلف إليه ضامن لما عليه إن مرض أو فلس، وإن رأس المال إن كان مؤخرا إلى أجل فلا بأس به، ولا يكون ذلك دينا في دين؛ فإنما تكلم في السلم الذي أجازه فقهاء المدينة ولم يروه من الدين بالدين، واشتهر ذلك في فعلهم حتى صار يسمى بيعة أهل المدينة؛ ذكر ذلك مالك عن عبد الرحمن بن المجبر عن سالم بن عبد الله، أنه قال كنا نبتاع اللحم كذا وكذا رطلا بدينار، نأخذ كل يوم كذا وكذا رطلا والثمن إلى العطاء، فلم ير أحد ذلك دينا بدين، ولم يروا به بأسا؛ فهذا أجازه مالك وأصحابه اتباعا لما جرى عليه العمل بالمدينة بشرطين، أحدهما أن يشرع في أخذ ما سلم فيه. والثاني أن يكون أصل ذلك عند المسلم إليه على ما قال غير ابن القاسم ههنا، فليس ذلك بسلم محض؛ ولذلك جازتا خير رأس المال فيه، ووجب فسخه إن مرض أو مات أو فلس، ولا يشترى شيء بعينه حقيقة، ولذلك جاز أن يتأخر قبض جميعه إذا شرع في قبض أوله؛ وقد روي عن مالك أنه لم يجز ذلك، ورآه دينا بدين؛ قال وتأويل حديث ابن المجبر أن يجب عليه ثمن ما يأخذ كل يوم إلى العطاء، وإجازة ذلك على الشرطين المذكورين، هو المشهور في المذهب، وعليه تكلم في هذه الرواية. وقوله فيها إن المسلف إليه ضامن لما عليه، معناه إذا انتقد وكان الذي عليه مما يمكنه دفعه مع مرضه