رجل مائة إردب فقاضاه أحدهما حصته بغير إذن صاحبه، فعلم به فأتاه يطلبه؛ فقال له هبني إياها وأنا أضمن لك الخمسين التي بقيت لك، إن ذلك لا يحل، وقاله أصبغ وهو شديد، وليس هذا مثل الذي فوقه، وهذا فيه غير وجه واحد من الفساد، وسلف جر منفعة؛ كأنه يسلفه الخمسة والعشرين التي كان له أخذها على أن يضمن الخمسة والعشرين الأخرى، ويدخله البيع كأنه يبيعه إياها ويحيله بها على صاحبه ويزيده ضمانا؛ فهو طعام بطعام متأخر وزيادة الضمان متفاضلا فلا يحل. قال أصبغ: قال لي ابن القاسم ولكن لو كان قدر ما يضمن له خمسة وعشرين، بقدر ما كان يصيبه مما قبض، لم يكن بذلك بأس. وقال أصبغ لأن ذلك سلف خالص ليس معه زيادة، ولا فيه ازدياد شيء من الأشياء، وفي ذمته أيضا محضا ومعروفا من المعروف، فلا بأس به إن شاء الله تعالى.
قال محمد بن رشد: أما إذا ترك الرجوع عليه في الخمسين التي قبض بالخمسة والعشرين الواجبة له منها على أن يضمن له الخمسين الباقية، فالمكروه في ذلك بين على ما فسره أصبغ، وأما إذا ترك الرجوع عليه بالخمسة والعشرين من الخمسين التي اقتضى على أن يضمن له من الخمسين الباقية خمسة وعشرين، فأجاز ذلك ابن القاسم، وتبعه على ذلك