أو في وقته الذي أخذه، والماء عندنا في الشتاء أرخص، وفي الصيف أغلى؛ قال أصبغ عليه أن يعطيه في أي وقت طلبه بعد أن يكون السلف حالا لا وقت له، ولم يكن مؤجلا لم يحل أجله؛ ولا ينظر في هذا إلى شتاء ولا صيف، (ولا حين إعطائه) ولا حين قبضه، ولا غير ذلك، إلا متى ما طلبه، أو أراد المسلف قضاءه قبل أن يطلبه.
قال محمد بن رشد: قول أصبغ هذا خلاف مذهب ابن القاسم، والذي يأتي في هذه المسألة على مذهب ابن القاسم، أنه ليس له أن يأخذ سلفه منه إلا في الفصل الذي أسلفه إياه فيه؛ لأن سقي الصيف لا يشبه سقي الشتاء، والمماثلة في الماء للسقي، إنما تكون بتساوي الأوقات والفصول؛ والذي يدل على أن هذا مذهبه، قوله في سماع أبي زيد من كتاب القسمة في الشريكين في الماء لأحدهما السقي بالليل، وللآخر السقي بالنهار، (فيتعدى الذي له السقي بالنهار) على الذي له السقي بالليل فيسقي به؛ أنه إن لم يكن له سقي بالليل كانت عليه القيمة؛ لأن سقي النهار لا يشبه سقي الليل؛ ووجه قول أصبغ أن الواجب في السلف رد مثله من غير اعتبار قيمته يوم السلف ولا يوم الرد، ومعنى ذلك إذا كان الماء قدره واحد في الوقت الذي استسلفه، وفى الوقت الذي يرده؛ لأن العادة في المياه أنها تقل في الصيف وتكثر في الشتاء، فليس له إذا استلف الأقلاد في الصيف أن يأخذها في الشتاء إذا كان المياه في الشتاء أكثر؛ لأنه يأخذ فيها من الماء أضعاف ما أسلفه، وإذا لم يكن له أن يأخذها في الشتاء، لم يكن للذي عليه السلف أن يجبره على أخذها؛ إذ ليس له أن يلزمه معروفا، ولا للمسلف إذا أسلف للأقلاد في الشتاء، أن يردها في الصيف إذا كان الماء في الصيف أقل؛ وإذا لم يكن له أن يردها