الفقيه وذو السن والقارئ؟ قال: الفقيه في رأيي أرى أن يؤمهم، وإن لذي السن حقا. فقيل له أفرأيت الرجل يؤم عمه وهو أصغر منه؟ قال: العم والد فلا أرى أن يؤمه وإن كان العم أصغر منه. قال ابن القاسم إلا أن يقدمه. قال سحنون: وذلك إذا كان العم في العلم والفضل مثل ابن الأخ.
قال محمد بن رشد: قوله إن الفقيه أولى بالإمامة من القارئ صحيح؛ لأنه أعلم بأحكام الصلاة وما تفسد به مما لا تفسد منه، وهو مذهبه في المدونة؛ لأنه قال فيها: يؤم القوم أعلمهم إذا كانت له الحال الحسنة.
قيل له فأقرؤهم؟ قال: قد يقرأ من لا ترضي حاله. هذا معنى قوله، ومعنى ما روي «يؤم القوم أقرؤهم» إن أقرأهم في ذلك الوقت كان أفقههم لأنهم كانوا يقرؤون القرآن بأحكامه من حلاله وحرامه وناسخه ومنسوخه وخاصه وعامه.
وقد روي أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«يؤم القوم أقرؤهم» ، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سنا.
فإذا اجتمع الفقيه وصاحب الحديث والمقرئ والعابد وذو السن فالفقيه أولى بالإمامة، ثم المحدث، ثم المقرئ الماهر، ثم العابد، ثم ذو السن. وإنما كان الفقيه أولى بالإمامة من المحدث وإن كان أفضل منه لأنه أعلم بأحكام الصلاة منه.
وإنما كان المحدث أولى بالإمامة من المقرئ وإن كان أفضل منه أيضا لأنه أعلم بسنن الصلاة منه. وإنما كان المقرئ الماهر بالقراءة إذا كانت له الحال الحسنة أولى بالإمامة من العابد لأن القراءة مضمنة بالصلاة وليست العبادة مضمنة بها. وإنما كان العابد أولى بالإمامة من ذي السن لزيادة فضله عليه لكثرة قرباته. وإنما كان