قال محمد بن رشد: المعنى في هذه المسألة أن البيع وقع بينهما، وهما عالمان بمبلغ الشرب، وقد مضى القول في رسم حلف، من سماع ابن القاسم إذا وقع البيع بينهما، وهما جاهلان بمبلغ الشرب أو أحدهما مستوفى، فلا معنى لإعادته؛ وإذا وقع البيع بينهما، وهما عالمان بمبلغ الشرب، فلا يخلو الأمر من ثلاثة أحوال؛ أحدها: أن يقع البيع بينهما مبهما دون نية ولا شرط. والثاني: أن يتفقا على أن البيع وقع بينهما مبهما دون شرط، فيقول البائع: إنما كانت إرادتي بيعها دون شربها؛ ويقول المبتاع: إنما كانت إرادتي شراءها بشربها. والثالث: أن يختلفا فيقول البائع: بعتك دون شرب بشرط وبيان، ويقول المبتاع: بل اشتريتها منك بشربها بشرط وبيان، فأما إذا وقع البيع بينهما مبهما دون نية ولا شرط، ففي ذلك اختلاف؛ قال في هذه الرواية: إن المبتاع يكون له شرب النخل من الماء، وقيل: إنه لا يكون له الشرب إلا أن يشترطه، وهو ظاهر ما في رسم باع شاة، من سماع ابن القاسم، من هذا الكتاب، وذلك إذا كان المبتاع يقدر على سقيها من غير ساقية البائع بوجه من الوجوه، أو كانت تستغني عن السقي؛ وأما إن كان المبتاع لا يقدر على سقيها من غير ساقية البائع بوجه من الوجوه، ولا تستغني عن السقي؛ فإن الشرب يكون للمبتاع قولا واحدا.
وأما إذا وقع البيع بينهما مبهما، فقال البائع: إنما كانت إرادتي أن أبيعك النخل دون شربها؛ وقال المبتاع: إنما كانت إرادتي شراءها بشربها، فإن كان لما قال البائع وجه، مثل أن يكون المبتاع يقدر على سقيها من غير ساقية البائع؛ أو كانت تستغني عن السقي، تحالفا وتفاسخا؛ فإن حلف أحدهما ونكل الآخر، كان القول قول الحالف؛ وإن لم يكن لما قال البائع