البيع لم يكن جائزا ولا حسنا، وأرى للمشتري ما أكل من الثمر، واستغل من القصب بالضمان؛ لأنه كان للحائط ضامنا، وأرى له أيضا على رب الحائط ما أنفق في بنيان جدار أو حفر بئر؛ فإنه رد إليه، وقد بنى فيه، وحفر فيه بئرا، وأصل هذا البيع لم يكن جائزا ولا حسنا.
قال محمد بن رشد: البيع على هذا الوجه يسمونه بيع الثنيا، وقد اختلف فيه؛ فقيل: إنه بيع فاسد بما شرط البائع على المبتاع من أنه أحق به متى ما جاءه بالثمن؛ لأنه يصير كأنه بيع وسلف، وهو قول مالك هاهنا، وفي بيوع الآجال من المدونة، فإن وقع فسخ، ما لم يفت بما يفوت به البيع الفاسد، وكانت الغلة للمبتاع بالضمان، فإن فات صحح بالقيمة، والحائط لا يفوت في البيع الفاسد بالبناء اليسير، فلذلك قال: إنه يكون على رب الحائط إذا رد إليه ما أنفق على المبتاع في بنيان جدار أو حفر بئر، وقد قيل: قيمته ما أنفق، وليس ذلك باختلاف قول؛ وإنما المعنى في ذلك أن نفقته إن كانت بالسداد، رجع بما أنفق، وإن كانت بغير السداد، مثل أن يستأجر الأجراء بأكثر مما يستأجر به مثلهم بغبن جرى عليه في ذلك، أو بمعروف صنعه إليهم، رجع بقيمة ذلك على السداد، وقيل فيه: إنه ليس بيعا، وإنما هو سلف جر منفعة؛ قال سحنون ذلك في المدونة، وهو قول ابن الماجشون وغيره؛ لأنه كان المبتاع أسلف البائع الثمن على أن يغتل حائطه حتى يرد إليه سلفه، فعلى هذا القول ترد الغلة للبائع، ولا تكون للمبتاع؛ لأنها ثمن السلف فهي عليه حرام.