للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبتاع قد قبضها وضمنها بكونها في أصوله، فكذلك إذا اشتراها في صفقة أخرى، يجوز قرب أو بعد؛ إذ لا فرق في ذلك من أجل أن المبتاع يقبضها ويضمنها بالعقد؛ لكونها في أصوله؛ ووجه المنع من ذلك في القرب والبعد، هو أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها» ، فوجب أن يحمل النهي على عمومه في كل حال، ولا يخصص من ذلك إلا ما خصصته السنة من الاشتراط في عقد ابتياع الأصول، ووجه التفرقة بين القرب والبعد، هي أن السنة إنما أجازت الاشتراط في أصل الصفقة، فلا يجوز أن يشتري بعدها، إلا ما كان له أن يشترط فيها؛ وإذا بعد الأمر، فليس الذي اشترى هو الذي كان له أن يشترط؛ إذ قد زادت الثمرة أو نقصت؛ وكذلك مال العبد؛ لاحتمال زيادته ونقصانه؛ وأشهب يفرق بين ثمرة النخل ومال العبد، فيجيز شراء ثمر النخل بعد الصفقة، يريد في القرب والبعد، ولا يجيز شراء مال العبد، يريد لا في القرب ولا في البعد، وهو قول رابع في المسألة.

قال أبو إسحاق التونسي: وشراء ثمر النخل أبين من شراء مال العبد؛ لأن الثمرة تدخل بالعقد في ضمانه، لكونها في أصوله، فيرتفع الغرر بذلك، وعندي ألا فرق بينهما؛ لأن مال العبد أيضا إنما يشتريه ليكون للعبد كما كان، فإنما جاز؛ لكونه لاحقا بمال العبد، ألا ترى أنه لو اشتراه لنفسه أو بعد أن باع العبد، لم يجز؛ كما لو اشترى الثمرة بعد أن باع الأصل لم يجز، وحكم شراء الزرع بعد الأرض، حكم شراء الثمرة بعد الأصل؛ يدخل في ذلك الأقوال الثلاثة: الجواز، والمنع، والفرق بين القرب والبعد.

قال يحيى: وحد القرب في ذلك العشرون يوما ونحو ذلك، وفي قوله في أول المسألة يريد إذا كان مال العبد عينا يشتريه

<<  <  ج: ص:  >  >>