قيمة للمستثني في السفر، فكأنه اشترى الجميع؛ وهذا كله لا يصح منه شيء في النظر؛ إذ لا معنى للاعتبار بالتفريط في هذا من غير التفريط، وإن كان ابن حبيب قد نحا إلى هذا، ورواه أبو قرة أيضا عن مالك؛ قال فيمن باع بهيمة واستثنى رأسها فلم يذبحها حتى ماتت بغير إذن البائع، فعليه قيمة رأسها؛ لأنه ترك ما اشتراها له من الذبح، وإن حبسها بإذن البائع حتى هلكت فلا شيء عليه في رأسها؛ وإن صحت فأبى أن يذبحها فعليه قيمة رأسها؛ وأما استحياؤها بإذنه فهو شريك معه فيها، وهو استحسان على غير حقيقة قياس؛ إذ لا يخلو من أن يكون للبائع على المشتري في الجلد حق توفية، أو لا يكون له فيه حق توفية؛ فإن كان له عليه فيه حق توفية، فلا يسقط عنه بترك التفريط، وإن لم يكن له عليه فيه حق توفية، فلا يجب عليه بالتفريط.
وقوله: وقيل: إنما جعل المصيبة من المبتاع؛ لأنه إنما جاز ... إلى آخر قوله - كلام متناقض؛ لأن كون الجلد لا قيمة له في السفر، يقتضي أن البيع لم يقع عليه، وأن المبتاع لا يكون ضامنا له؛ فالصحيح في المسألة أن رواية أصبغ خلاف لرواية عيسى، وأن الاختلاف في هذا جارٍ على الاختلاف في المستثنى، هل هو مبقى على ملك البائع وبمنزلة المشتري؟
فعلى القول بأنه مبقى على ملك البائع، يكون مصيبة الجلد منه إن ماتت الشاة؛ لأنها ماتت وجلدها له باق على ملكه حتى يذبح المبتاع الشاة فيأخذ جلده إذا لم يبعه، فإن استحياها المشتري أعطى البائع شرى جلده استحسانا، وكان القياس إذا استحياها أن يكونا شريكين فيها البائع بقيمة الجلد، والمشتري بقيمة ما سواه؛ وعلى القول بأنه بمنزلة المشتري، وكان البائع باع جميع الشاة بعشرة دراهم في التمثيل، وبجلدها يكون المشتري ضامنا لجلده؛