قال محمد بن رشد: قوله إن اشترى العبيد الغيب إذا عرفهم المشتري صغارهم وكبارهم. وإن لم يسمهم بأسمائهم جائز لازم له، معناه: إذا كان البائع أيضا قد عرفهم، ومثله في الصلح من المدونة؛ لأنه أجاز مصالحة الورثة المرأة في ثمنها وإن لم يسموا التركة إذا كانوا قد عرفوا ذلك وعرفته، ولو جهلا جميعا مبلغ العبيد وصفاتهم، لكان البيع فاسدا، وكذلك إذا جهل ذلك أحدهما، والآخر يعلم بجهله، فتبايعا على ذلك، وأما إذا علم (أحدهما) وجهل الآخر ولم يعلم بجهله، فليس ببيع فاسد، وإنما هو في الحكم كبيع غش وخديعة يكون الجاهل منهما إذا علم مخيرا بين إمضاء البيع أو رده.
فقوله وإن ادعى البائع أن المشتري اشترى ما لا يعرف، وادعى المشتري المعرفة، أن القول قول المشتري وإن لم تكن له بينة؛ لأنه ادعى الحلال؛ معناه: إذا ادعى البائع أن المشتري اشترى ما لا يعرف، فإنه باع أيضا ما لم يعرف، أو إنه باع وهو يعلم أن المشتري لم يعرف، وادعى المشتري أنهما عرفا جميعا؛ لأنه لا يكون المبتاع مدعي الحلال والبائع مدعي حرام، إلا على ما ذكرناه.
وقوله إن القول قول المشتري، معناه: دون يمين؛ لأنها يمين تهمة، إلا أن يدعي عليه أنه أخبره (أنه) اشترى ما لم يعرف، فيجب له اليمين عليه، ويكون له ردها؛ وقد قيل بأن اليمين ملحق بالتهمة، ويجب صرفها، وقد مضى هذا في رسم الأقضية الثاني من سماع أشهب.
واختلاف المتبايعين في الجهل بمعرفة المبيع لا يخلو من سبعة أوجه: أحدها: أن يقول أحدهما جهلناه جميعا، ويقول الآخر: بل علمناه جميعا. والثاني: أن يقول أحدهما جهلناه جميعا،