أن يغتسل الثانية ويعيد الصلاة ظهرا أربعا. فقيل له: ألا ترى غسل الجمعة يكفيه؟ قال: لا، «إنما الأعمال بالنية» . قال ابن القاسم: قال لي مالك: يجزئ غسل الجمعة عن غسل الجنابة إذا نوى به. قال ابن القاسم: ويجزيه عن غسل الجنابة من غسل الجمعة إذا كان عند الرواح.
قال محمد بن رشد: قوله: إن غسل الجمعة لا يجزئ من غسل الجنابة - هو مثل ما في المدونة، وحكاه ابن حبيب أيضا عن مالك من رواية ابن القاسم وعن ابن عبد الحكم وأصبغ، وحكى خلاف ذلك عن مالك أنه يجزيه من رواية مطرف وابن الماجشون وابن نافع وأشهب وابن كنانة وابن وهب.
قال: وليس غسل الجمعة كمن اغتسل تبردا، وإنما هو كمن توضأ للنافلة أو للنوم فإنه يصلي به الفريضة عند مالك وجميع أصحابه ابن القاسم وغيره. والقول الأول أظهر؛ لأن الذي اغتسل للجمعة وهو لا يعلم بالجنابة لم يقصد إلى رفع حدث الجنابة؛ إذ لم يعلم بها، وإنما اغتسل للجمعة غسل سنة لا لرفع حدث؛ إذ قد يجوز له شهود الجمعة بغير غسل، فوجب أن لا يرتفع عنه الحدث به، وليس ذلك كالذي يتوضأ للنوم؛ لأن الذي يتوضأ للنوم وإن كان الوضوء له استحبابا؛ إذ يجوز له النوم بغير وضوء، فقد قصد به إلى رفع الحدث إذا كان محدثا قد علم بحدثه. وأما الذي يتوضأ للنافلة فلا إشكال في الفرق بينه وبين الذي اغتسل للجمعة ناسيا للجنابة؛ لأن النافلة لا تجوز إلا بوضوء والجمعة تجوز بغير غسل. ووجه القول الأول ظاهر لقول النبي، - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت ومن