العالمين ويقول: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ في السورة في كل سورة إذا أراد أن يتابع سورا بعضها فوق بعض، فأما في المكتوبة فلا يفعل، وليبدأ بالحمد لله رب العالمين، ولا يقول بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
قال محمد بن رشد: لم يختلف قول مالك أنه لا يقرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ في الفريضة لا في أول الحمد ولا في أول السورة التي بعدها؛ لأنها ليست عنده آية من الحمد، وإنما تثبت في المصحف في أولها للاستفتاح لا لأنها منها كسائر السور، فبسم الله الرحمن الرحيم ليس من القرآن عند مالك إلا في سورة النمل فإنه فيها بعض آية.
وذهب الشافعي إلى أن بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ آية من الحمد فأوجب قراءتها في الصلاة في أول الحمد. ومن أهل العلم من استحب قراءتها في الفريضة في أول الحمد، وهو مذهب محمد بن مسلمة من أصحاب مالك. ومنهم من استحب قراءتها في الفريضة في أول الحمد سرا، فيتحصل في ذلك أربعة أقوال: أحدهما إيجاب قراءتها، وهو مذهب الشافعي ومن تبعه؛ والثاني كراهة قراءتها، وهو من مذهب مالك، والثالث استحباب قراءتها، وهو مذهب محمد بن مسلمة؛ والرابع الإسرار بقراءتها. فوجه كراهة قراءتها لئلا يظنها الجاهل من الحمد فيراها واجبة؛ ولأن ترك قراءتها هو المروي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والخلفاء بعده.
وروي عنهم أنهم كانوا يفتتحون القراءة في الصلاة بالحمد لله رب العالمين. ووجه استحباب قراءتها مراعاة قول من يراها آية من الحمد فتكون الصلاة مجزية تامة بإجماع.
ووجه من رأى الإسرار بها مخافة أن يظن أنها من الحمد وأن قراءتها واجبة.
وأما قراءة بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ في النافلة فلمالك في ذلك في الحمد قولان: أحدها أنه لا يقرأ فيها، والثاني أنه يقرؤه فيها. والقولان قائمان من هذه الرواية. وله في ذلك فيما عدا الحمد من السور ثلاثة أقوال: أحدها أنه يقرؤه في كل سورة، وهو قوله في هذه الرواية.