لم يفت عند البائع الذي هو مبتاع له، فيصحح عليه بالقيمة يوم قبضه، ورأى الولادة في الأمة فوتا على أصولهم في أنها تفيت البيع الفاسد؛ لأنها أشد من حوالة الأسواق التي تفيته؛ وذهب ابن حبيب إلى أن الولادة لا تفيتها، ومعنى ذلك إذا لم يكن معها مرض يتغير به حالها، وعزا ذلك إلى أصبغ.
ووجه ما ذهب إليه من أن الولادة لا تفيت الأمة في البيع الفاسد؛ إذا استثنى جنينها، بخلاف إذا بيعت بيعا فاسدا ولم يستثن جنينها، أن الولادة إذا لم يكن معها مرض يتغير به حالها، فالولد إذا لم يستثن نماء فيها تفوت به؛ وإذا استثنى، فليس بنماء فيها؛ إذ كان البيع لم يقع عليه.
وقول ابن القاسم أصح؛ لأن البيع إنما فسد بوقوع البيع عليه، ولو لم يقع عليه البيع وكان مبقى على ملك البائع، لكان البيع جائزا على ما ذهب إليه من أجازه. وقوله إذا اشترى بعيرا في شراده، أو عبدا في إباقه، فعثر على ذلك قبل أن يفوت عند المبتاع؛ أن البيع يفسخ فيه ولا يكون للمشتري شيء في طلبه إياه؛ صحيح على ما في المدونة من أن من جاء لرجل بعبده الآبق، فلا جعل له فيه عليه إذا لم يكن ممن يطلب الإباق، وإنما الاختلاف إذا وجده بجعل جعله فيه فعثر على ذلك قبل أن يفوت عنده، فيفسخ البيع.
فقيل: إن للمشتري أن يرجع على البائع بما جعل في طلبه، قاله في كتاب ابن المواز؛ وقيل: إن الجعل على الجاعل، ولا يرجع به على البائع، وهو مذهب ابن القاسم؛ قاله في رسم محض القضاء من سماع أصبغ من كتاب الجعل والإجارة في الذي يجعل جعلا لرجل في طلب عبده ثم يستحقه مستحق، أن الجعل عليه ولا رجوع له به على المستحق، ولا فرق بين المسألتين؛ والاختلاف في هذا مبني على الاختلاف في السقي والعلاج، هل يحاسب بهما إن استحق الشيء من يده إذا أخذ المستحق الثمرة، إذ البيع الفاسد مثله سواء، وذهب ابن المواز إلى أن يكون الجعل على الجاعل، ويكون له على البائع والمستحق جعل مثله، إلا أن يكون أكثر مما غرمه الجاعل، وبالله التوفيق.