القاسم: إذا كان ذلك في حاضرة وحيث الناس وله جيران فلم يعلم أحد من جيرانه ما يذكر من الموت في العبد والدابة، رأيته ضامنا؛ وإذا ادعى أنه مات بفلاة، فلا ضمان عليه؛ وإن ادعى إباقا، فهو مصدق.
قال محمد بن رشد: ساوى في دعوى التلف بين الذي يشتري العبد بالخيار، أو يرتهنه، أو يشتريه لرجل فيما له عليه من الدين بأمره، وما يشتريه الرجل للرجل بأمره هو فيه مؤتمن كالمودع سواء؛ فدل ذلك على أنه لا فرق في دعوى تلف ما لا يغاب عليه من الوديعة والرهن وما أشبهه، وأن ذلك إنما يفترق فيما يغاب عليه، فيصدق في الوديعة؛ ولا يصدق في الرهن، إلا أن يقيم البينة؛ ويصدق فيما لا يغاب عليه في الوديعة والرهن والعارية، وما اشتراه لغيره بأمره إلا أن يتبين كذبه؛ ومما يتبين به كذبه أن يدعي أنه مات في حاضرة وله جيران لا يعلمون شيئا من ذلك.
وقوله: وله جيران فلم يعلم أحد منهم ما يذكر من موت العبد، يدل على أن السلطان يستخبر ذلك من الجيران، ولا يكلف إقامة البينة على ذلك؛ وفي رسم سن من سماع ابن القاسم من كتاب الرواحل والدواب، أنه يكلف البينة على ذلك، وفي المدونة دليل على القولين جميعا، ولم يشترط هاهنا عدالة من يسأل من الجيران؛ وقال في المدونة: إنه لا يقبل في ذلك إلا العدول، فقيل: إن ذلك ليس باختلاف من القول، وإن معنى ما هاهنا إذا لم يكن في الجيران عدول، وأن معنى ما في المدونة إذا كان فيهم عدول؛ وقيل: إن ذلك اختلاف من القول، وأنه ضامن على ما في المدونة إذا لم يأت بعدول وإن لم يكن في ذلك الموضع عدول؛ والذي أقول به أنه لا اختلاف في شيء من ذلك كله، وأن المعنى فيه أن السلطان لا يلزمه أن يسأل عن ذلك ويستخبر عنه إلا أن يشاء، فإن سأل وفي ذلك الموضع عدول، لم يسأل إلا العدول، فإن قالوا نعلم موت ذلك العبد بعينه