ويرجع الطعام إلى البائع، وأما إذا لم يقبض واحد منهما شيئا، فلا اختلاف في أنهما يتحالفان ويتفاسخان، والاختيار أن يبدأ المشتري باليمين في هذه المسألة على ما في هذه الرواية؛ لأنه بائع للدينار، بقوله لم أبع ديناري إلا بستة أرادب، فكان الاختيار أن يبدأ باليمين ولو اختلفا في ثمن الخمسة الأرادب، فقال البائع: بعتها لو فعلت، وقال المبتاع: اشتريتها بخمسة أسداس دينار، لكان الاختيار أن يبدأ البائع؛ كما إذا اختلفا في ثمن السلعة؛ فقال البائع: بعتها بستة أرادب، أو بستة دنانير، وقال المبتاع:(بل) ابتعتها بخمسة أرادب أو بخمسة دنانير؛ الاختيار أن يبدأ البائع باليمين، وأيهما بدأ باليمين في المسألتين جميعا فذلك جائز؛ لأن كل واحد منهما مدع ومدعى عليه، فأيهما بدأ باليمن جاز.
وقد كان يمضي لنا عند من أدركناه من شيوخنا في هذه المسألة أن تبدئة المشترى فيها باليمين خلاف الاختيار، والصحيح ما قلناه وبيناه، فإن حلفا جميعا، أو نكلا جميعا، فسخ البيع بينهما، وذهب ابن حبيب إلى أنهما إن نكلا كان القول قول البائع، ظاهره بلا يمين؛ وقيل: بعد أن يحلف، وهو الصواب؛ وعلى هذا ليس قوله بخلاف لقول سواه، وقد شرحنا هذا في غير هذا الكتاب؛ وإن حلف أحدهما ونكل الآخر، كان القول قول الحالف.
واختلف هل ينفسخ البيع بينهما بتمام التحالف، أو لا ينفسخ حتى يفسخه الحاكم بينهما؛ فقيل: إنه ينفسخ بتمام التحالف وهو قول سحنون، وظاهر ما في كتاب الشفعة من المدونة؛ وقيل: إنه لا ينفسخ حتى يفسخه الحاكم بينهما، وهو مذهب ابن القاسم في كتاب السلم الثاني من المدونة، وفي هذه الرواية لقوله فيها، ثم يكون المشتري بالخيار بين أن يأخذ خمسة بدينار، أو يفاسخه.
وقيل: إن كان التحالف بأمر حكم لم ينفسخ حتى يفسخه الحاكم، وإن كان تحالفهما بغير أمر حكم انفسخ بتمام التحالف؛ وقيل بعكس هذه التفرقة، وعلى