بعد ذلك بحين حتى برئ من التهمة، مضى الطلاق ولم يرد شيئا.
قال محمد بن رشد: قوله إن البيع ينقض إذا علم أنه إنما استقاله فيها ليبيعها صحيح؛ لأنه إنما أقاله على ألا يبيعها، فإن باعها نقض البيع فيها وردت إليه سلعته؛ ويستدل على أنه إنما استقال منها ليبيعها ببيعه إياها بقرب ذلك، هذا ظاهر من مقتضى قوله في المسألة: وإذا نقض البيع فيها انتقضت الإقالة وردت إلى المقيل، ولو أقاله على أنه إن باعها كان أحق بها بالثمن الذي يبيعها به، فباعها بقرب ذلك، لرد البيع فيها، وأخذها المقيل بذلك الثمن، وقد مضى القول على هذا مستوفى في أول سماع أشهب.
وتنظير ابن القاسم لهذه المسألة بمسألة مالك في وضع الصداق صحيح؛ لأن قول المرأة لزوجها أخشى إن وضعت عنك الصداق أن تطلقني، فيقول لا أفعل؛ مثل قول المبتاع البائع أخشى إن أقلتك أن تبيعها، فيقول لا أفعل؛ ولو لم يجز بينهما هذا الكلام، وإنما سأل الرجل زوجته أن تضع عنه الصداق، فوضعته ثم طلقها بالقرب، لرجعت عليه بصداقها، إذ قد علم أنه إنما وضعته عنه رجاء استدامة صحبته؛ ولو سأل البائع المبتاع أن يقيله فأقاله، ثم باعها بالقرب، لم يكن للمبتاع في ذلك قول؛ فهاهنا تفترق المسألتان، ولا فرق في وضع المرأة صداقها عن زوجها، إذا سألها ذلك بين أن تضع عنه وتسكت، أو تقول له: أخشى إن وضعته عنك أن تطلقني، فيقول: لا أفعل؛ أو تقول: إنما وضعته عنك على أنك إن طلقتني رجعت عليك بصداقي، في أنه يكون لها أن ترجع به عليه إن طلقها بقرب ذلك؛ إلا أن تقول له إنما أضعه عنك على ألا تطلقني أبدا، أو على أنك متى ما طلقتني رجعت عليك بصداقي، فيكون لها أن ترجع عليه بصداقها متى ما طلقها، كان ذلك بالقرب أو بعد طول من الزمان، ومثل مسألة مالك في المعنى ما في سماع أصبغ من كتاب طلاق السنة في التي