من الثمن شيئا، وفي ذلك من قوله نظر، إذ قد علم أن الرجل لا يشتري الدار إذا استثنى عليه سكناها العام بما يشتريها به إذ لم يستثن عليه ذلك؛ ولعل قيمة سكنى الدار السنة مثل قيمة ربع الدار وأكثر، وكذلك الدابة إذا استثنى عليه ركوبها اليوم، واليومين، والثلاثة.
وإنما المعنى في أنه لا يجب عليه رجوع إن كان ما استثناه البائع من السكنى في الدار والركوب في الدابة؛ أبقاه على ملكه ولم يبعه؛ فإنما حط عن المشتري ما كان يجب لما لم يبعه من السكنى والركوب لو باعه، وذلك في التمثيل كرجل باع ناقة لها فصيل، فاستثنى فصيلها، فقد علم أنه قد حط عن المشتري ما كان يجب لفصيلها لو باعه؛ فوجب أن تكون مصيبة السكنى والركوب منه؛ لأنه أبقاه على ملكه ولم يبعه كالفصيل سواء؛ فإن بنى المبتاع الدار على هذا القول وقد بقيت من مدة الاستثناء بقية، كان للبائع أن يسكن الدار بقيمة المدة التي استثنى، ويكون عليه كراء الأنقاض قائمة؛ إذ قد ذهبت الأنقاض التي استثنى سكناها، ولا حق في أنقاض المشتري.
ووجه العمل في ذلك أن يقال: كم قيمة كراء البقعة مهدومة؟ وكم قيمة كراء الدار قائمة؟ فيكون على البائع ما زادت قيمة كراء الدار قائمة على قيمة الأنقاض في المدة التي بقيت من اشتراطه، وإن لم يبتها المشتري، كان من حق البائع أن يسكنها قاعة مهدومة إلى انقضاء أمد استثنائه، إن شاء أن يبنيها، كان ذلك له، فإذا انقضى أمد سكناه، أخذ نقده، إلا أن يشاء المبتاع أن يعطيه قيمته منقوضا على مذهب ابن القاسم وروايته عن مالك؛ وعلى مذهب المدنيين وروايتهم عن مالك، له قيمته قائما إذا انقضى أمد سكناه.
ومن قال: إن المستثنى بمنزلة المشتري، فهو عنده كأنه باعه داره بدنانير، وسكنى مدة معلومة؛ فإن انهدمت الدار نظر إلى قيمة السكنى، فإن كان عشرة دنانير والثمن تسعون دينارا، رجع بعشر قيمة الدار يوم باعها، وكذلك العمل في الدابة وهو قول أصبغ في سماعه المذكورة إلا