يمينا بالله ما زاد شيئا ويبرأ، وإنما ألزمته اليمين لحضوره المزايدة، وأما لو قال ذلك لمن لم يحضر المزايدة لم يكن عليه يمين ولم يلزمه من قوله شيء. قلت: أرأيت لو قال ذلك لمن لم يحضر وقال: أنت أمرتني وأوصيتني إذا وقفت على شيء أن أوجبها لك ألا يحلف له؟ قال: إن كان مثله يأمر مثله في تجارته وناحيته فأرى أن يحلف، وإن كان على غير ذلك لم يحلف.
قال محمد بن رشد: هذا صحيح على أصولهم في أن من زاد على السلعة في بيع المزايدة تلزمه السلعة بما زاد فيها إن أراد صاحبها أن يلزمها إياه ما لم ينقلب بسلعته وتذهب أيام الصياح أو يكون مما العرف فيه أن ترد أو تباع في المجلس فتلزمه السلعة بما زاد فيها وإن زاد عليه غيره ما لم ترد السلعة ويصاح على غيرها، وقد مضى هذا في آخر أول رسم من سماع أشهب من كتاب العيوب، وأوجب عليه اليمين بمجرد الدعوى لأن حضوره المزايدة خلطة توجب له عليه اليمين، وأما إذا لم يحضر المزايدة فلا يمين له عليه إلا أن يكون بينه وبينه من الأسباب ما يشبه أن يكون مثله يأمر مثله كما قال، وهذا على قولهم في أن اليمين لا تلحق بمجرد الدعوى دون خلطة؛ لأن الخلطة إنما تكون من قبيل الدعوى، فإن ادعى مبايعة كانت الخلطة بالمبايعة، وإن ادعى عليه سلفا ومعروفا كانت الخلطة بالصداقة والملاطفة التي تقتضي المسالفة والمعروف بينهما، وكذلك هذا، المخالطة فيه بأن يكون بينهما ما يشبه به أن يكون مثله يأمر مثله في تجارته، فإن حلف لم يلزم الصائح شيء إذا كان ذلك في المجلس، وأما إن قبض السلعة وقال: فلان أمرني أن أوجبها له بما أعطى فيها فجاء فلان فأنكر قول الصائح فحلف فإن السلعة تلزم نصائح بذلك الثمن لأنه أتلفها على ربها إذ لم يمضها لمن زاد فيها في المناداة في المجلس وأمسكها لغيره، وإن نكل عن اليمين حلف الصائح ولزمته السلعة، وإن نكل الصائح عن اليمين بعد نكوله هو كان لرب السلعة أن يضمنه إياها بذلك الثمن إن شاء لأنه قد أتلفها عليه بنكوله.