ذلك، وليس عليه فيما اشترى لغير تجارة شرك لأحد، قلت: وهو عندك مصدق إذا قال لم أشترها لتجارة؟ قال: نعم، أراه مصدقا إلا أن يستدل على كذبه مما يرى من كثرة تلك السلع ويعلم أن مثله في كثرتها وعظم قدرها لا يشترى إلا للتجارة وطلب الفضل، فإذا كان مثل هذا لم يصدق ودخلوا معه فيها، قلت: فلو لقي سلعة تباع في بعض الأزقة أو الدار فسام صاحبه بها وقد حضره رجل من أهل تلك السلعة فسأله الشركة فأبى أن يشركه هل ترى له معه شركا؟ قال: لا شرك له فيها، قد أعلمتك أن الشركة لا تكون في السلعة إلا في مواقفها وأسواقها المعروفة، وليس على من اشترى سلعة في غير أسواقها ومواقفها شرك لأحد من أهلها ولا من غيرهم.
قال محمد بن رشد: ذهب مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - إلى أنه يقضي لأهل الأسواق بالشركة فيما ابتاعه بعضهم بحضرتهم للتجارة على غير المزايدة ورأى ذلك أرفق بهم من إفساد بعضهم على بعض وتابعه على ذلك جميع من أصحابه، واختلف من هذه المسألة في ثلاثة مواضع: أحدها هل ذلك في جميع السلع أو في الطعام وحده، فروى أشهب عن مالك أنه في الطعام وحده، وقال ابن القاسم في سماع أبي زيد من كتاب الشركة وغيره من أصحاب مالك وهو قول أصبغ هنا وقول ابن حبيب في الواضحة: إن ذلك في الطعام وغيره من الدواب والسلع، والثاني هل ذلك في السوق وغير السوق من الطرق والأزقة أو في السوق وحده؟ فذهب أصبغ في هذه الرواية إلى أن ذلك في السوق خاصة، وذهب ابن حبيب إلى أن ذلك في السوق وغيره ما لم يشترها في حانوته أو في داره، والثالث هل ذلك لجميع التجار أو لتجار تلك السلعة؟ فقال أصبغ: إنما ذلك لتجار تلك السلعة خاصة، ولا شرك لأحد على أحد في سلعة ليست من تجارته، وقاله ابن حبيب في الواضحة، وسواء كان المشتري لتلك السلعة من تجار تلك السلعة أو لم يكن. وقال ابن الماجشون في الثمانية إن ذلك لجميع من حضر