فخالفه البائع فباعها من غيره، ثم إن المشتري الأول لقي المشتري الثاني ومعه تلك الشاة فنازعه فيها فماتت الشاة في أيديهما، المصيبة ممن هي؟ قال أصبغ: الضمان عليهما جميعا إن كان موتها منهما جميعا أو بأيديهما جميعا، فإن صحت الشاة للثاني غرم له هذا نصف القيمة، وإن صحت للأول فالثاني يغرم له ويرجع على بائعه بما دفع إليه.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة معناها أن البائع مقر أنه باعها من أحدهما بعد الآخر ويدعي كل واحد منهما أنه هو الأول، فقوله فيها فإن صحت الشاة للثاني غرم له هذا نصف القيمة صحيح؛ لأنه لما نازعه فيها فماتت بأيديهما كان قد استهلك له نصفها فوجبت عليه قيمته، وتصح له الشاة بأحد وجهين: إما بأن لا يكون لواحد منهما بينة على أنه هو الأول فيحكم بينهما أن يحلف كل واحد منهما أنه هو الأول وتكون بينهما، أو ينكل الأول عن اليمين ويحلف الثاني فتصح له بيمينه مع نكول الأول؛ وإما أن يقيم الثاني بينة أنه هو الأول ولا يكون للأول بينة على أنه هو الأول، فإذا صحت الشاة إلى الثاني بأحد هذين الوجهين كان له على الأول نصف قيمتها كما قال لاستهلاكه إياه، ويرجع الأول على البائع بالثمن الذي دفع إليه إن كان قد دفعه إليه وبما زادت قيمتها أو الثمن الذي باعها به من الثاني على ثمنه هو لأنه استهلك الشاة عليه بعد أن باعها منه ببيعه إياها من الثاني، وإن صحت الشاة للأول بأحد هذين الوجهين قيل له قد قبضت نصفها الذي قتلته، وأنت مخير بالنصف الثاني الذي قتله المبتاع الثاني بين أن تجيز البيع فيه فتأخذ الثمن أو تأخذ قيمته ممن شئت منهما إن شئت من البائع وإن شئت من المبتاع الثاني الذي قتله، فإن أخذت قيمته من البائع رجع البائع بذلك على المبتاع الجاني، وإن أخذت قيمته من المبتاع لم يكن له بذلك رجوع على أحد لأنه هو الجاني، ويرجع المبتاع الثاني على البائع الأول بنصف الثمن الذي دفع إليه للنصف الذي قتله المشتري الأول.