قال محمد بن رشد: هذه مسألة في جوابها حذف سكت عنه اتكالا على فهم السامع والله أعلم، ومراده أن البائع يحلف ما باع إلا على الآخر، ثم يحلف المشتري ما اشترى إلا على الأول، ويفسخ البيع إن حلفا جميعا، وإن حلف أحدهما ونكل الآخر كان القول قول الحالف، وأيمانهما في هذه المسألة على النيات، ويحلف البائع أنه أراد الآخر، ويحلف المشتري أنه أراد الأول لأنهما قد اتفقا على أن البيع وقع مبهما لم يسميا أولا ولا آخرا، ولو ادعيا التسمية لحلف كل واحد منهما على ما يدعي، فإن حلفا جميعا انفسخ البيع، وإن حلف أحدهما ونكل الآخر كان القول قول الحالف، ولا فرق بين أن يدعيا التسمية أو يتفقا على الإبهام إذا ادعى كل واحد منهما أنه أراد غير النصف الذي أراد صاحبه إلا في صفة الأيمان، ولو اتفقا على الإبهام ولم تكن لواحد منهما نية لوجب أن يكونا فيها شريكين يقسم الثوب على القيمة ثم يستهمان عليه. وقد رأيت لابن دحون أنه قال في هذه المسألة: إنها مسألة حائلة لا تجوز إذا أبهما ولم يسميا لأنه بيع مجهول بمنزلة من باع فدانا من أرضه ولم يجزه، وإن ادعى أحدهما أنه سمى جاز ذلك وحلف على ما ادعى، فإن ادعيا جميعا فالقول قول البائع مع يمينه، ولو لم يقطع الشقة وكانا قد أبهما كانا فيها شريكين بمنزلة من اشترى نصف أرض رجل ولم يذكر الناحية.
قال محمد بن رشد: وليس قوله بصحيح لأنهما قد أبهما ولم يسميا فليس ببيع مجهول كما قال، إذ لم ينعقد البيع بينهما على جهل من أجل أن كل واحد منهما ظن أن صاحبه أراد النصف الذي أراد هو، فلم يكن بينهما في العقد غرر، إذ لم يقع شراء المشتري على أن يأخذ أحد النصفين من غير أن يعلم أيهما هو ولا بيع البائع على ذلك، ولو وقع على ذلك كان جهلا وغررا. مثال ذلك أن يقول: أشتري منك أحد النصفين الأول أو الآخر أيهما وقع السهم عليه أو أيهما شئت أن تعطيني أعطيتني. وقوله: وإن ادعى أحدهما أنه سمي جاز ذلك وحلف على ما ادعى مطرد على ما ذهب إليه من أن البيع فاسد إذا أبهما، إذ يقتضي ذلك أن من سمى منهما كان مدعيا للصحة، ومن لم يسم مدعيا للفساد. وأما قوله فإن ادعيا جميعا فالقول قول