فوجد الرجل عند غريمه أربعة عشر كبشا سبعة منها مجزوزة وسبعة مصوفة فأراد أن يأخذ منه تلك الأكباش كلها بثمانين رطلا من صوف مما عليه، قال: إن كان يعرف كم في تلك السبعة الأكبش من صوف حتى لا يشك فيه إلا يسيرا رطل أو نحوه فإنه قيل لي إنه يعرف، وما أيسر ما يقع عنهم من علمه يريدون تلك الجزز فلا أرى به بأسا، وإن كان لا يعرف ويقع في معرفته غبن كثير فلا خير فيه، قيل له: أرأيت لو كان لرجل على رجل مائتا رطل صوف فأحضر الجزز ليزنها، فأراد أن يأخذ منه جزرا بالمائتي رطل من غير وزن؟ قال: إن تحرى ذلك حتى يعرف فإن زاد زاد يسيرا وإن نقص عما تحرى نقص يسيرا فلا أرى به بأسا، وإن كان لا يعلم إلا بتغابن كثير فلا خير فيه.
قال محمد بن رشد: إجازة ابن القاسم في هذه المسألة أن يؤخذ الصوف بالتحري دون وزن من الوزن الذي له هو على قياس قوله في رسم باع شاة من سماع عيسى من كتاب السلم والآجال. قوله فيه: وكل صنف من الطعام أو غيره مما يجوز منه واحد باثنين من صنفه فلا بأس باقتسامه على التحري كان مما يكال أو يوزن أو مما لا يكال ولا يوزن، وعلى خلاف ما في آخر السلم الثالث من المدونة. قوله فيه: وكل شيء يجوز منه واحد باثنين من صنفه إذا كايله أو راطله أو عاده فلا يجوز الجزاف بينهما لا منهما ولا من أحدهما لأنه من المزابنة إلا أن يكون الذي يعطي أحدهما متفاوتا يعلم أنه أكثر من الذي أخذ من ذلك الصنف بشيء كثير، وهو إذا تقارب عند مالك ما بينهما كان من المزابنة وإن كان ترابا. وقد قال ابن دحون في مسألتي الصوف هاتين إنهما مخالفتان لأصل مالك وأصحابه في أن الصنف الواحد مما يجوز فيه التفاضل لا يجوز بعضه ببعض إلا إذا بان