أبى الرسول أن يحلف لم يفسخ البيع بينهما ولم يقل لصاحب الغلام احلف؛ لأنه لا علم له، ولكن يحلف المشتري ويكون القول قوله مع يمينه.
قال محمد بن رشد: قوله: ولم يؤقت له شيئا معناه: وقد فوض إليه أن يبيع بما يراه لأنه لو لم يؤقت له ثمنا ولا فوض إليه أن يبيع بما يراه لكان الأمر موقوفا على رضاه ولوجب إذا قال الرسول: بعت بخمسين، وقال المشتري: اشتريت بأربعين إن قال رب العبد: لا أرضى أن أبيع عبدي بالخمسين التي قال إنه باع العبد بها أن يأخذ عبده، وإن قال: لا أرضى أن أبيع عبدي بدون الخمسين التي باعه بها أن يقال للمشتري: إن أردت أن تأخذ العبد بخمسين فخذه وإلا فلا شيء لك، ولا أيمان بينهما في شيء من ذلك كله. وأما إن قال رب العبد: لو باعه بأربعين لرضيت بذلك، ولكنه قد قال: إنه باعه بخمسين فأنا أطلبها لكانت الأيمان بينهما في ذلك على ما ذكره إذا لم يوقت له ثمنا وفوض إليه البيع باجتهاده، يريد أن الأيمان تكون بينهما على ما تكون بين المتبايعين إذا اختلفا في الثمن والسلعة قائمة أو فائتة. وقوله: فإن أبى الرسول أن يحلف لم يفسخ البيع بينهما صحيح؛ لأن البيع إنما لم يفسخ إذا حلفا جميعا أو نكلا جميعا على ما سنذكره في ذلك من الاختلاف. وقوله: ولم يقل لصاحب الغلام احلف معناه أنه لا يجب عليه أن يحلف إذ لم يل البيع فقد لا يعرف الثمن، وإنما يجب اليمين على الوكيل الذي ولي البيع، وأما هو فمن حقه إن ادعى معرفة الثمن أن يحلف إن شاء في موضع الرسول فيفسخ البيع إذا حلف المشتري ولا يجب له على الرسول بنكوله شيء؛ لأنه لما حلف فقد اختار فسخ البيع على إمضائه بيمين المشتري ويضمن العشرة للرسول، وكذلك إذا حلف الوكيل والمشتري وانفسخ البيع لم يجب على الوكيل شيء لأن الإشهاد لا يتعين عليه إلا عند دفع السلعة. ألا ترى أنه لو قال: