المشتري مدع صدقا، فإذا نكل المشتري المدعى عليه عن اليمين على ذلك رجعت اليمين على المدعي وهو البائع فحلف واستحق ما حلف عليه. ويبعد قول من قال: إن البائع لما كان هو المبدأ باليمين فنكل عنها ثم نكل المشتري بعده عن اليمين كان القول قول البائع بلا يمين، بمنزلة من ادعى على رجل حقا له فيه شاهد واحد فأبى أن يحلف مع شاهده ورد اليمين على المدعى عليه فنكل عن اليمين أن المدعي يكون له ما ادعى دون يمين لنكول صاحبه بعد نكوله هو؛ لأن يمين البائع لقد باع العبد منه بخمسين لم تجب له ولا مكن منها فلم ينكل عنها؛ لأن صفة أيمانها أن يحلف البائع ما باع العبد منه بأربعين، ويحلف المشتري ما اشتراه بخمسين؛ لأن البائع مدعى عليه أنه باع بأربعين، وهو منكر لذلك، فوجب أن يحلف عليه؛ والمشتري مدعى عليه أنه اشتراه بخمسين وهو منكر لذلك، فوجب أن يحلف عليه، وليس على البائع أن يزيد في يمينه: ولقد باعه منه بخمسين لأنه باع في ذلك على المشتري، فقد كذبه بيمينه، إلا أن يشاء أن يزيد ذلك في يمينه أو يجمع المعنيين في لفظ واحد فيحلف أنه ما باعه منه إلا خمسين رجاء أن ينكل صاحبه عن اليمين فلا يحتاج إلى يمين أخرى ويكتفي باليمين الأول، فلم ينكل عن اليمين على هذه الزيادة إذ لم تكن واجبة عليه، ولا كان من حقه أن يحلف عليها ويستحق الخمسين، فوجب إذا نقل المشتري عن اليمين أنه ما اشتراها منه بخمسين ألا يستحق هو الخمسين إلا بعد يمينه: لقد باعه منه بخمسين، فإذا حمل قول ابن حبيب على هذا لصحة ما ذكرناه من معناه وجب أن يصرف قول ابن القاسم بالتأويل إليه فيقال: معنى قوله وإن نكلا ترادا أي إن أبى البائع أن يحلف على كل حال أولا وآخرا فتستقيم المسألة ويصحح معناها ولا يكون بين ابن القاسم وبين ابن حبيب اختلاف فيها، ومن تأول على ابن حبيب في قوله إذا نكل عن اليمين كان القول قول البائع أنه يكون القول قوله دون يمين فعد قوله مثل أقوال أهل العراق في القضاء بالنكول دون اليمين على