لم يدفع إلينا شيء، ما أرى في ذلك شيئا، ولا أرى عليه إلا أن يحلف ويبرأ ولا يكون عليه شيء.
قال محمد بن رشد: قوله: وهو سفيرها، والسفير الوكيل والرسول، يدل على أنه يحكم له بحكم الوكيل فيما باع واشترى لامرأته وإن لم تثبت وكالته للعرف الجاري من تصرف الرجال لأزواجهم في أمورهن، ومثله من الدليل في رسم البز من سماع ابن القاسم من كتاب المديان والتفليس، ووقع في سماع عبد الملك بن الحسن من كتاب الدعوى والصلح ما يدل على أنه محمول في ذلك على غير الوكالة حتى تعلم وكالته، وقد اختلف في الوكيل يدعي أنه دفع إلى موكله ما قبض له من نحو مائة أو ما باع به متاعه على أربعة أقوال: أحدها أن القول قوله مع يمينه جملة من غير تفصيل، وهو قوله في هذه الرواية في رسم البز من سماع ابن القاسم من كتاب المديان والتفليس وفي آخر كتاب الوكالات من المدونة، والثاني أنه إن كان بقرب ذلك في الأيام اليسيرة فالقول قول الموكل إنه ما قبض شيئا وعلى الوكيل إقامة البينة، وإن تباعد الآمر مثل الشهر ونحوه فالقول قول الوكيل مع يمينه، وإن طال الآمر جدا لم يكن على الوكيل ولا على الزوج يمينا، وهو قول مطرف عن مالك، والثالث أنه إن كان بحضرة ذلك وقربه في الأيام اليسيرة صدق الوكيل مع يمينه، وإن طال الآمر جدا صدق دون يمين، وهو قول ابن الماجشون وابن عبد الحكم، والرابع تفرقة أصبغ بين الوكيل بالشيء بعينه وبين الوكيل المفوض إليه، فالوكيل على الشيء يعينه غارم حتى يقيم البينة على الدفع وإن طال الآمر، والوكيل المفوض إليه يصدق في القرب مع يمينه وفي البعد دون يمين، فإن مات الوكيل أو الزوج بحدثان ما جرى ذلك على أيديهما كان ذلك في أموالهما إذا عرف القبض وجهل الدفع بعد يمين الموكل أو الزوجة أنه ما دفع إليه شيء، وإن كان موتهما بغير حدثان ذلك وما يكون في مثله المخرج والقضاء والدفع فلا شيء في أموالهما وإن كان لم يعرف الدفع ولم يذكر، ولا خلاف عندي في هذا الوجه إلا على القول بأن على الوكيل إقامة البينة على الدفع في القرب والبعد.