للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يخطب يوم الجمعة فيقول: لولا أن أُنْعِش سنة أو آمر بحق ما أحببت أن أعيش فَوَاقا.

قال محمد بن رشد: هذا مثل ما في " المدونة " من أن للإمام أن يتكلم يوم الجمعة، وهو على المنبر بغير الخطبة، ولا يكون بذلك لاغيا، قال فيها: وكذلك لا يكون لاغيا من رد على الإمام إذا كلمه وهو يخطب، وهو أمر لا اختلاف فيه أحفظه في المذهب. والحجة في إجازة ذلك ما روي عن أبى الزاهرية عن عبد الله بن بشر قال: «جاء رجل يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة، فقال له رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " اجلس، فقد آذيت وآنيت» ، قال أبو الزاهرية: وكنا نتحدث حتى يخرج الإمام، وما روي عن جابر بن عبد الله قال: «جاء سليك الغطفاني يوم الجمعة ورسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على المنبر، فقعد قبل أن يصلي، فقال له النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " أركعت ركعتين؟ "قال: لا، قال: "قم فاركعهما".» وهذا نص في جواز تكلم الإمام على المنبر يوم الجمعة بغير الخطبة، وفي جواز الرد عليه لمن كلمه، وتأول أصحابنا أنه إنما أمره رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالركوع في ذلك الوقت ليرى الناس حاجته فيتصدقون عليه، بدليل ما روي عن أبي سعيد الخدري «أن رجلا دخل المسجد ورسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على المنبر، فناداه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فما زال يقول: " ادن" حتى دنا، فأمره فركع ركعتين قبل أن يجلس وعليه خرقة خلق، ثم صنع مثل ذلك في الثانية، فأمره بمثل ذلك ثم صنع مثل ذلك في الجمعة الثالثة، فأمره بمثل ذلك وقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " تصدقوا، فألقوا الثياب، فأمره رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأخذ ثوبين..» الحديث. وذهب أهل العراق إلى أنه لا يجوز للإمام أن يتكلم في خطبة بغير الخطبة ولا

<<  <  ج: ص:  >  >>