من ذبح بعير رجل فقال وجدته يموت، فسواء كانت للعبد بينة على ما زعم من أنه خشي عليه الموت ولذلك نحره، أو لم تكن، وسواء إن كان في قرية علم ذلك أحد من أهل القرية أو لم يعلم، إلا أنه أبين في الضمان إذا لم تكن له بينة أو لم يعلم ذلك أحد من أهل القرية، وهذا هو الذي أراد مالك أن يبين من قوله: أفلا يعلم ذلك أحد من أهل القرية لا أنه إن علم ذلك أحد من أهل القرية أو كانت له بينة سقط عنه الضمان. ومعنى قوله في آخر المسألة: بل يكون الغرم على سيده أن ذلك يكون في رقبة العبد فيخير سيده بين أن يغرم قيمة البعير الذي ذبح عبده أو يسلم فيها رقبة عبده لا أنه يغرم قيمة البعير لصاحبه من ماله ما بلغت، وإنما أراد ذلك في رقبة العبد لأنه لم يصدقه فيما ادعى من أنه خشي عليه الموت فذبحه نظرا لربه، فهذا وجه كون ذلك في رقبته، ولو صدقه فيما ادعاه من أنه خشي عليه الموت فذبحه لأشبه أن يكون أيضا ذلك في رقبته على قول أشهب ورواية ابن وهب عن مالك في الراعي يخشى على الغنم الموت فيذبحها أنه ضامن إذ لم يجعل إليه ذلك ولا أذن له فيه. وقول مالك في هذه المسألة يشبه ما وقع لابن القاسم وأشهب في سماع سحنون من كتاب العارية في العبد يأتي إلى الرجل فيقول: سيدي أرسلني إليك في كذا وكذا فيعطاه فيتلف عنده أو يزعم أنه قد دفعه إلى سيده وينكر السيد أن ذلك يكون في رقبته، وقد احتج ابن القاسم في سماع سحنون من كتاب الجنايات بقول مالك هذا لقوله: إن ذلك يكون في رقبته. وأشبه المسائل عندي بهذه المسألة مسألة العبد يستودع الوديعة فيستهلكها بالإفساد لها في غير منفعة، فابن القاسم يقول إنها في ذمته؛ لأن صاحبها ائتمنه عليها، وابن الماجشون يقول: إنها في رقبته لأنه تعدى عليها فإنها جناية منه، فقول مالك في هذه الرواية موافق لقول ابن الماجشون، ومخالف لقول ابن القاسم في هذه المسألة، وبالله التوفيق.