قال محمد بن رشد: الكلام في هذه المسألة على فصلين: أحدهما شراء الطعام الغائب والحكم في ضمانه ممن يكون؟ والثاني ما يكون للمشترى إذا حمله البائع أو وكيله بأمره دون أن يعلم ببيعه إلى بلد آخر، فأما بيعه فإن كان جزافا فلا يجوز إلا على رؤية متقدمة حسبما مضى القول فيه في تفسير قوله في أول سماع ابن القاسم من كتاب جامع البيوع لا يجوز اشتراء الطعام الغائب على شرط إن أدركته الصفقة مثل الزرع القائم إذا يبس واستحصد ويدخل في ضمانه بالعقد على قولي مالك في شراء الغائب على الصفة، وإن كان على الكيل فيجوز على الصفة وإن لم يتقدم للمبتاع فيه رؤية، وذلك على وجهين: أحدهما أن يكون له طعام غائب فيشتري منه كيلا معلوما، والثاني أن يشتريه كله على الكيل، فأما إذا اشترى من طعامه الغائب كيلا معلوما بعد أن وصفه له أو أراه منه شيئا فالضمان فيه من البائع حتى يكيله على المبتاع قولا واحدا، وكذلك إذا اشتراه كله على الكيل إلا أن يصدقه في الكيل فيدخل في ضمانه بالعقد على أحد القولين في اشتراء الغائب، فإن حمله البائع أو وكيله بأمره دون أن يعلم ببيعه إلى بلد المشتري حيث وقع الشراء أو إلى غيره من البلدان كان الحكم فيه ما ذكر في الرواية من أن على البائع أن يرده إلى البلد الذي باعه فيه أو يأتي المشتري بمثله في ذلك البلد فيكيله عليه فيه إن كان اشتراه على الكيل أو يكيل له المكيلة التي اشترى منه إن كان اشترى كيلا من جملة طعام، وإن كان اشتراه جزافا وأمكن أن يأتيه في مثل ذلك البلد بمثله مثل أن يكون بيتا مملوءا بطعام أو وعاء مملوءا منه حاضرا أتاه بمثله، وإن كان مصيرا لا يمكن معرفة المثل فيه كان عليه مكيلة خرص الصبرة إلا أن يتفقا على أخذ الطعام في البلد الذي حمل إليه فيجوز، وقد قيل إن المبتاع مخير بين أن يلزمه مثل الطعام في البلد الذي اشتراه به وبين أن