فيهما جميعا [البيع] إذا أنكر إذا كان بيعه بعد أخذه المال وحوزه له ولم يكن أخذ المال على صلح ولا على مقاطعة.
قال محمد بن رشد: الأصل في الوكالات أن الوكيل ليس له أن يتعدى ما وكل عليه مما سمى له. وإن قال في توكيله إياه إنه وكله وكالة مفوضة أقامه في ذلك مقام نفسه، وأنزله منزلته، وأجاز فعله، وجعل إليه النظر بما يرضاه لأن ذلك كله يحصل على ما سمى ويعاد إليه إلا أن لا يسمي شيئا رأسا يقول إني وكلته وكالة مفوضة فيكون وكيلا مفوضا إليه يجوز عليه فعله في كل شيء من البيع والابتياع والصلح وغيره، فإن قال وكالة مفوضة جامعة لجميع وجوه التوكيل ومعانيه كان أبين في التفويض، فإنما أجاز ابن القاسم في هذه الرواية للوكيل على الخصومة أن يصالح فيها من أجل قول الموكلة قد فوضت إليه في الخصومة وجعلت أمري جائزا فيما يصنع فيها فاقتضى ذلك الصلح إذ ليس له وجه سواه، فليس ذلك بخلاف لقول أصبغ في آخر نوازله إنه إذا وكله على الخصومة ولم يفسر شيئا فهو وكيل على المدافعة وحدها، وليس له صلح ولا إقرار، ولا بخلاف لقول عيسى بن دينار في أول نوازله بعد ذلك أنه إذا وكله على تقاضي ديونه وفوض إليه النظر فيها أنه لا يجوز للوكيل أن يصالح عنه في شيء منها وإن كان الصلح في ذلك نظرا له؛ لأن تفويضه النظر في اقتضاء ديونه لا يقتضي مصالحة؛ لأنه يمكن إعادته على ما وكله عليه من الاقتضاء لديونه ليعجل منها ما يرى النظر في تعجيله ويؤخر منها ما يرى النظر في تأخيره، فقد يكون النظر في بعض الديون تعجيل اقتضائها، وفي بعضها تأخير اقتضائها، وقد ذهب بعض الناس إلى أن قول ابن القاسم هذا خلاف لقول عيسى في نوازله، وليس ذلك عندي بصحيح لما بيناه من وجه الفرق بينهما. وهذا الذي قلناه من أنه إذا سمى في الوكالة شيئا لا يتعدى الوكيل مما سمى له وإن نص على التفويض في الوكالة لأن ذلك يعاد إلى ما سمى هو بين من