بما يصيبها من الثلاثين وتكون البقية منها عليه، ولو ماتت الواحدة قبل أن يختار كانت المصيبة من المأمور؛ لأنه متعد في الثانية، وليس هو كبيع، قاله ابن دحون، وليس قوله بصحيح إذ لم يشترها واحدة بعد أخرى فيكون متعديا في الثانية كما قال أي في الهالكة، وإنما اشتراهما صفقة واحدة، فهو ما تعدى في إحداهما بعينها دون الأخرى، لكنه لما تعدى في اشترائهما صفقة واحدة لزمت ذمته ما ناب التي لم يختر صاحب البضاعة من الثلاثين، فصار كأنه اشترى على أن صاحب البضاعة بالخيار في أن يأخذ أيتهما شاء بما ينوبها من الثلاثين ويضمن هو بقيتها في ذمته وتكون له الثانية، فيتخرج ضمان الهالكة منهما قبل أن يختار على الاختلاف في الذي يشتري ثوبا من ثوبين على أن يختار أيهما شاء فتلف أحدهما قبل أن يختار فتكون مصيبة التالف منهما جميعا على مذهب ابن القاسم، ومن المبضع معه المتعدي على مذهب سحنون. وأما إذا اشترى الجارتين بالثلاثين في صفقتين واحدة بعد أخرى فالآمر مخير في أخذ الثانية وتركها، قاله في كتاب محمد، ولا خلاف في هذا. وأما إذا أمره أن يشتري له بالثلاثين جارية بعينها فاشتراها وابنها بالثلاثين فكما قال يكون مخيرا بين أن يأخذهما جميعا وبين أن يأخذ الأم بما يصيبها من الثمن، ولو أمره أن يشتري له بالثلاثين جارية موصوفة بغير عينها فاشترى له بالثلاثين جارية على الصفة وابنها لكان مخيرا بين أن يأخذها وولدها أو يتركها وولدها ويضمنه الثلاثين، أو يأخذها دون ولدها بما ينوبها من الثلاثين، وهذا إن كان الولد كبيرا، فأما إن كان الولد صغيرا فكما قال في الرواية إن علم لها ولدا لزمته، وإن كان لم يعلم ردها بولدها، هذا إذا كانت بعينها، وأما إن لم تكن بعينها فله أن يردها بولدها علم أن لها ولدا أو لم يعلم لأن الولد عيب في الجارية، والله تعالى هو الموفق المعين بفضله، لا إله إلا هو، ولا معبود سواه، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وصلى الله على سيدنا ونبينا ومولانا محمد المصطفى الكريم وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.
تم الجزء الأول من كتاب البضائع والوكالات بحمد الله وحسن عونه، وصلى الله على محمد نبيه وآله.