أن تكون له بينة ويغرم ولا يؤخر إلى لقي صاحبه. ولم يفرق بين أن يكون الوكيل قريبا أو بعيدا. وفرق محمد بن عبد الحكم بين أن يكون الموكل قريب الغيبة أو بعيدها. وقوله عندي تفسير لهذه الرواية ولقول أصبغ في نوازله بعد هذا. وقد قيل إنه لا يقضى للوكيل بالدين حتى يكتب إلى الموكل فيحلف وإن كان بعيدا على مسألة نوازل عيسى في يمين الاستحقاق. وقد فرق بعض أهل النظر بين يمين الاستحقاق وبين يمين دعوى القضاء. وقد قيل إن الوكيل يحلف على العلم وحينئذ يقتضي.
فيتحصل في المسألة أربعة أقوال إذا بعدت غيبة الموكل. وقد مضى بيان هذا كله وتحصيله في رسم العتق من سماع عيسى من كتاب الأقضية أنه يستحلفه في الوجهين جميعا. وظاهر هذه الرواية وما في نوازل أصبغ بعد هذا أنه ليس على الإمام أن يستحلف الموكل على قبض ديونه الغائبة أنه ما قبض منها شيئا، ويكتب له دون يمين خرج أو وكل، خلاف ما في رسم العتق من سماع عيسى من كتاب الأقضية أنه يستحلفه في الوجهين جميعا خرج أو وكل ما اقتضى ولا أحال ولا قبض ثم يكتب له. وعلى ظاهر هذه الرواية جرى العمل؛ لأنه يقول للإمام لا تحلفني فلعله لا يقضى على أنه قضاني منه شيئا. وقد قيل إنه يستحلفه إذا وكل ولا يستحلفه إذا خرج، وهو أقوى الأقوال وأعد لها.
وأما قوله إذا لم يكن للمطلوب بينة على ما ادعى من دفع الخمسين إلى صاحب المال فغرم المائة كلها ثم قدم صاحب الحق فأقر بقبض الخمسين إن الغريم لا يرجع على الوكيل وإنما يرجع على صاحب الحق لأنه هو الذي فرط، فمعناه أنه لا يلزمه أن يرجع عليه ويترك الرجوع على صاحب الحق، بل له أن يرجع عليه إن أحب، فإن رجع على صاحب الحق رجع صاحب الحق على الوكيل، إلا أن يدعي أنه دفع المائة كلها إليه ويقيم على ذلك البينة، وبالله التوفيق.