ذلك أحدا في حياته ولا عند وفاته صحيح، لا اختلاف فيه أحفظه في أن الوكيل على شيء مخصوص لا يجوز له أن يوكل، وهو قوله في السلم الثاني من المدونة وفي رسم الأقضية من سماع يحيى بعد هذا وفي غير ما موضع. واختلف إن فعل هل يضمن أم لا؟ فقال في رسم الصبرة من سماع يحيى بعد هذا إنه ضامن إن خرج المال من يده إلى من وكله إلا أن يكون ممن لا يلي مثل ذلك بنفسه وقد عرف بذلك الذي وكله فلا ضمان عليه. وأما إن لم يعرف بذلك الذي وكله فهو ضامن وإن كان ممن لا يلي ذلك بنفسه. وهذا في غير المشهور أنه ممن لا يلي مثل ذلك بنفسه؛ لأن رضاه بالوكالة يدل على أنه المتولي حتى يعلم رب المال أنه لا يتولى. وهو في غير المشهور محمول على أنه لم يعلم حتى يعلم أنه قد علم. وأما المشهور بأنه لا يتولى ذلك بنفسه فلا ينبغي أن يضمن؛ لأن الموكل يحمل على أنه قد علم ولا يصدق أنه لم يعلم. وقد قال بعض العلماء: إن وكيل الوكيل إذا صنع ما يصنع الوكيل ولم يتعد في شيء إن ذلك جائز، يريد ولا يضمن الذي وكله. وقال أشهب: إذا كان مثله في الكفاية فلا ضمان عليه. وأما الوكيل المفوض إليه في جميع الأشياء فلا أحفظ في هل له أن يوكل أم لا قولا منصوصا عند العلماء المتقدمين، وقد كان الشيوخ المتأخرون يختلفون في ذلك، والأظهر أن له أن يوكل؛ لأن الموكل قد أنزله منزلته وجعله بمثابته.
وقوله: وإنما يجوز ذلك للوصي أن يوكل في حياته وعند موته هو نص قول مالك وجميع أصحابه لا اختلاف بينهم فيه. وإنما اختلفوا في الوصيين أو الأوصياء المشترك بينهم في الإيصاء، هل لأحدهم أن يوصي بما إليه من الوصية أم لا على ثلاثة أقوال، أحدها، أن له أن يوصي إلى من معه في الوصية وإلى من ليس معه في الوصية. وقد أتت بذلك الرواية عن مالك، وهو ظاهر قوله في المدونة لأنه أطلق القول بأن له أن يوصي