قلت: فلم لا يلزمها أجرته فيما استخرج من حظوظ اشراكها وقد أدخل عليهم من المرفق مثل الذي أدخل عليها؟ قال: لأن توكيلها لا يجوز عليهم، وهم لم يوكلوها فيلزم ذلك في أموالهم، فلا أرى أن يلزمها من الأجرة إلا قدر ما أدخل عليها من المرفق.
قال محمد بن رشد: المعنى في هذه المسألة أنها وكلته على أن يخاصم عنها وعن أشراكها في المنزل الذي بينهم ولم يواجبها في ذلك على جعل معلوم ولا على أجرة، فخاصم بوكالتها إياه على ذلك رجاء ثوابها عليه. فلما خاصم إلى أن قضي له بالمنزل تصدقت عليه بناحية من حظها ثوابا له على خصامه عنها، ثم قامت وأرادت الرجوع في ذلك، فرأى لها الرجوع في الصدقة من أجل أنها مولى عليها، وأوجب له عليها مقدار حظها من أجرة مثله على قدر عنائه وشخوصه استحسانا، إذ كان القياس أن لا يكون له عليها شيء من أجل أنها لا تلي مثل هذا من أمورها، وأن ما ولته من ذلك موقوف على نظر وليها إن كان لها ولي أو نظر السلطان إن لم يكن لها ولي، فإن وأي في ذلك وجه نظر لها أجازه، وإن لم ير لها في ذلك وجه نظر رده. وهذا في العقد الجائز. وأما في هذه المسألة فليس فيها إلا الرد؛ لأنه عقد فاسد. وإذا بطل الجعل عنها وكان له الحظ إذ قد وجب لها. ووجه الاستحسان في ذلك أنها لما خاصم عنها رجاء ثوابها بعد أن وكلته على ذلك أشبه الجعل الصحيح أو الإجارة الصحيحة؛ لأن المنحة على الثواب بيع من البيوع، فوجب أن يكون له ثواب عمله وهو قيمته. ولو جاعلته على استخراج حظها بجعل معلوم على مذهب من يجيز الجعل في الخصام على أنه إن أفلح استحق جعله وإن لم يفلح لم يكن له شيء، فخاصم حتى قضي له فأراد وليها رد ذلك من فعلها لتخرج ذلك على قولين: أحدهما أنه ليس له أن يرده بعد أن قضي له، كما ليس له أن يرده قبل أن يقضى له؛ لأنها فعلت من ذلك ما هو وجه نظر وما لو لم تفعله لفعله الولي. والثاني أن له أن يرده بعد أن قضي له وإن