بالمال مثل ما قال لمالك: إن كان الذي زعم الرسول أنه أرسل إليه بالمال أو أنه سمع المرسل يقول هو ماله تقاضيته من غرمائه حاضرا حلف مع شهادته وكان أحق به من الغرماء. وإن كان غائبا أسلم إلى الغرماء؛ لأنه يتهم أن تكون شهادته ليقر المال في يده. وإذا علم الناس أن مثل هذا يقبل منهم نسبوه إلى رجل بعيد الغيبة فدفع بذلك القول أهل الحق عن أموال غرمائهم.
قال محمد بن رشد: مثل هذا في الشهادات من المدونة في مسألة الصدقة، وزاد فيها: وذلك إذا كان المشهود له غائبا هي الغيبة التي يدفع بها بالمال. وقياسه المسألة التي سئل عنها عليها صحيح لأنها مثلها في المعنى. ولا اختلاف في إجازة شهادته له ما لم يدفع المال. واختلف إن دفع المال، فظاهر ما في كتاب الوديعة من المدونة أن شهادته له جائزة بالصدقة وإن كان قد دفع إليه المال أن يحلف القابض مع شهادته ويستحقه، وهو قول مالك في رواية ابن وهب عنه. قال في كتاب ابن المواز: وهذا إذا ثبت دفع الرسول ببينة، يريد أو إقرار بالقبض وهو مليء لا يكون الرسول مطلوبا بشيء. وقال سحنون: إنما يحلف مع شهادته إذا كان المال بيديه، فأما إن دفعه إليه فهو ضامن ولا يكون مقام شاهد لأنه غارم، وهو قول أشهب، وقاله ابن الماجشون وأصبغ، ورواه مطرف عن مالك، وقال فضل: وهو أصح من قول ابن القاسم. وعلى هذا حمل حمدين مسألة كتاب الوديعة من المدونة فقال: معناها أن الآمر والمأمور والمدعي للصدقة حضور ولم يدفع الرسول المال؛ لأنه إذا دفعه إليه فإنما يشهد على إجازة فعل نفسه، وإن كان غائبا اتهم في شهادته لانتفاعه بالمال إلى قدومه. وقد اختلف إذا لم يجد شهادة الرسول لأنه غير معروف العدالة أو لأنه قد دفع على القول بأن شهادته لا تجوز إذا دفع المال فأغرم المال هل له أن يرجع على الذي دفعه إليه أم لا، فاضطرب في ذلك قول أشهب: مرة رأى أنه يرجع على الذي دفعه إليه لأنه يقول له بسببك وصل إلى تغريمي، ومرة لم ير له أن يرجع عليه لأنه يقر له أنه مظلوم، وهو مذهب