سلعته ثم يبيعها هو ويبيعها الوكيل بعده وهو لا يعلم بيع صاحبها أنها تكون للثاني إذا قبضها. وفي إجماعهم على هذا دليل على أن الوكالة لا تنفسخ بنفس الفسخ حتى يعلم الوكيل بفسخه إياها أو يعلم بذلك المشتري. وكذلك اختلف أيضا في تأويل قول مالك وابن القاسم في مسألة موت الموكل الواقعة في أول كتاب الوكالة من المدونة، فقيل: إن قولهما فيها مثل قول أشهب تنفسخ الوكالة في حقهما جميعا بمعرفة الوكيل بموت موكله، وقيل إن قولهما فيها مثل قول ابن القاسم في مسألة انفصال الشريكين عن الشركة الواقعة في كتاب الشركة من المدونة تنفسخ الوكالة في حق الوكيل بمعرفته بموت موكله، وفي حق من بايعه أو دفع إليه بمعرفته بموت الموكل أيضا. فالثلاثة الأقوال كلها التي ذكرناها في عزل الوكيل عن الوكالة داخلة في انفصال الشريكين عن الشركة؛ لأن الانفصال عنها يقتضي فسخ الوكالة، وفي مسألة موت الموكل على القول بأن الوكالة تنفسخ بموته؛ إذ قيل إنها لا تنفسخ بموته وهي باقية حتى يفسخها الورثة، وهو قول مطرف وابن الماجشون؛ وقيل إنها تفسخ فيما وليه الموكل من البيع ولا تنفسخ فيما وليه الوكيل وله قبض ثمن ما باعه ما لم يفسخ الورثة وكالته، وهو قول أصبغ في سماعه بعد هذا من هذا الكتاب. ومن الدليل على هذا أن محمد بن المواز قد ساوى بين عزل الوكيل وموت الموكل فقال: أجمع أصحاب مالك أن ما فعله الوكيل بعد علمه بموت الآمر أو عزله إياه أنه ضامن لما قبض، ولا يبرأ من دفع إليه إذا علم بعزله أو بموت الآمر. وإن دفع قبل علمه بموت الآمر أو عزله فمذهب ابن القاسم أنه لا يبرأ من دفع إليه. قال محمد: وهذا لا يصلح، إذ لا يشاء أحد أن يوكل على تقاضي حقه ببلد آخر ثم يشهد بعزله بعد خروجه، أو بدفعه إليه مالا يدفعه إلى رجل صدقة أو غير صدقة ثم يفسخ وكالته ولا علم له، فهذا غير معتدل. وقال ابن القاسم من رأيه إنه إذا ولي الوكيل البيع ثم فسخ الآمر وكالته فقبض الثمن قبل علمه وعلم المشتري، قال لا يبرأ المشتري وأبى ذلك أصحاب ابن القاسم ولم يروه، وخالفه ابن عبد الحكم وقال نحو ما قلنا. وما حكى ابن المواز من الإجماع فيه لا يصلح؛ إذ قد قيل إن الوكالة لا تنفسخ