وكذلك أصحاب الإبل يوقف أحدهم بعيره في السوق فيقال له: بكم بعيرك؟ فيقول: بعشرين دينارا، فيقول السائم: ضع لي دينارا، فيقول: لا، فيقول: قد أخذته، فأراه له إذا قال أخذته، وليس لصاحب البعير في ذلك قول.
قال محمد بن رشد: وكذلك لو قال السائم: أنا آخذه بكذا وكذا، فقال البائع: قد بعتكه بذلك، فقال السائم: لا آخذه بذلك للزمه الشراء على قول مالك هذا، خلاف ما في كتاب بيع الغرر من المدونة من أن ذلك لا يلزم البائع ولا المشتري بعد أن يحلف كل واحد منهما أنه ما ساومه على الإيجاب والإمكان، وإنما كان ذلك منه على وجه كذا وكذا لأمر يذكره وقال أبو بكر الأبهري: إن كان ذلك قيمة السلعة وكانت تباع بمثله لزمهما البيع، وإن كان لا يشبه أن يكون ذلك ثمن السلعة حلف أنه كان لاعبا ولم يلزمه البيع.
وهذا الاختلاف إنما هو في السلعة الموقوفة للبيع، وأما إن لقي رجل رجلا في غير السوق فقال له: بكم عبدك هذا أو ثوبك هذا لشيء لم يوقفه للبيع، فقال له: بكذا وكذا، فقال: قد أخذته بذلك فقال رب السلعة: لا أرضى بذلك وإنما كنت لاعبا وما أشبه ذلك، فإنه يحلف على ذلك ولا يلزمه البيع إلا أن يتبين صدق قوله فيسقط عنه اليمين قولا واحدا على ما يقتضيه ما في هذا الرسم بعينه من هذا السماع من كتاب جامع البيوع.
وقد ذهب بعض الناس إلى أن الخلاف أيضا في ذلك وإن لم تكن السلعة موقوفة للبيع على ظاهر ما وقع في رسم سلعة سماها من سماع ابن القاسم من كتاب جامع البيوع، إذ لم يذكر فيه أن السلعة كانت موقفة للبيع، وإلى أنه يتحصل في المسألة ثلاثة أقوال؛ أحدها: أن البيع لا يلزم وإن كانت السلعة موقوفة للبيع على ما في المدونة.
والثاني: أنه يلزم وإن لم تكن السلعة موقفة للبيع على ظاهر ما في رسم سلعة سماها المذكور.
والثالث: الفرق بين أن تكون السلعة موقفة للبيع أو لا تكون موقفة له على ما يقتضيه ما وقع في سماع أشهب من كتاب جامع البيوع، وليس ذلك عندي بصحيح؛ لأن مسألة رسم سلعة سماها وإن لم تكن السلعة موقفة للبيع