الإسلام وعهدة الإسلام، فقال له مالك: فإنه بلغني أنهم يتبايعون بالبراءة، فقال: باطل، قد منعتهم من ذلك، فقال له: فنعم امنعهم أن يبيعوا بالبراءة فإنهم يبيعون ما لا يعرفون، إنما يقدم عليهم [الرقيق] اليوم ويبيعون من الغد، فامنعهم من ذلك فإنهم يبيعون ما لا يعرفون وهم يجهلونهم.
قال محمد بن رشد: إذا باع على ما اشترى من عهدة أو براءة فلا كلام في جواز ذلك، وإذا اشترى بالبراءة جاز أن يبيع بيع الإسلام وعهدة الإسلام إذا بين قولا واحدا.
وإذا اشترى بيع الإسلام وعهدته فلا يجوز أن يبيع بالبراءة واختلف إن فعل، فقيل: يفسخ وهو قول مالك هنا، وقيل: لا يفسخ وهو قوله في نوازل سحنون من كتاب الاستبراء، وقد مضى ذلك كله في أول مسألة من السماع.
وأما إذا اشترط الذي باع بالبراءة ألا يمين عليه فأعمل ههنا شرطه عموما في المأمون وغير المأمون وفي الذي يبيع لنفسه أو لغيره، إذ لم يفرق بين شيء من ذلك، ولم يعمله في رسم أخذ يشرب خمرا من سماع ابن القاسم من كتاب البضائع والوكالات إلا في الوصي والوكيل الذي يبيع لغيره، وفي الرجل المأمون، فحصل الاختلاف بين الروايتين في الرجل الذي ليس بمأمون إذا باع لنفسه.
وكان من أدركنا من الشيوخ يذهبون إلى أن المعنى في هذه المسألة وفي التي في رسم سلعة سماها من كتاب المديان والتفليس في أن الشرط في التصديق في اقتضاء الدين دون يمين غير عامل، وأن له أن يحلفه سواء لحمل كل واحدة منهما على صاحبتها، فيأتي فيهما جميعا ثلاثة أقوال: إعمال الشرط، وإبطاله، والفرق بين المأمون والذي يبيع لغيره وبين الذي ليس بمأمون ويبيع لنفسه.
والصواب: أنهما مسألتان مفترقتا المعنى لا تحمل إحداهما على الأخرى؛ لأن هذه اشترط فيها إسقاط يمين إن كانت قد وجبت حين الشرط ولم يعلما