ومضت أيام الصياح، فقال له: لا أرى ذلك لهم، وأرى أن يلزمهم إياهم، فقيل له: أيلزم ما كان مثل هذا؟ فقال له: أما اليوم واليومان وشبه ذلك فأرى أن يلزمهم إياهم والعذر عذر، وأرى لمثل هؤلاء عذرا، وأما الشيء الكثير فلا أراه.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة صحيحة على ما في المدونة في الذي يشتري السلعة على أنه بالخيار ثلاثا أن البيع لا يلزمه بمغيب الشمس من آخر أيام الخيار، وأن له أن يردها بعد انقضاء أيام الخيار ما لم يتباعد ذلك؛ لأنه إذا صاح على العبد وبين أنه يصيح عليه ثلاثا يطلب الزيادة فكل من أعطى فيه عطاء فقد لزمه الشراء على أن صاحب العبد عليه، بالخيار ما لم تنقض أيام الخيار فلصاحب العبد أن يلزمه الشراء، وإن انقضت أيام الصياح ما لم يتباعد ذلك، وقد قيل: إنه ليس له أن يرد السلعة التي اشترى بالخيار بعد انقضاء أيام الخيار، فعلى هذا ليس له أن يلزمه الشراء في العبد بعد انقضاء أيام الصياح.
ولو كان الذي يصاح عليه في بيع المزايدة مما العرف فيه أن يمضي أو يرد في المجلس ولا يشترط أن يصيح عليه أياما لما كان له أن يلزمه الشراء بعد أن ينقلب بالسلعة عن المجلس، وقد روي ذلك عن ابن القاسم سئل عن الرجل يحضر المزايدة فيزيد، ثم يصاح عليها فينقلب بها إلى أهلها، ثم يأتونه من الغد فيقولون له: خذها بما زدت هل يلزمه ذلك؟ فقال ابن القاسم: أما مزايدة الميراث أو متاع الناس فلا يلزمه ذلك إذا انقلبوا بالسلعة أو تركوها في المجلس وباعوا بعدها أخرى، وإنما يلزم هذا في بيع السلطان الذي يباع على أن يستشار السلطان فإن ذلك يلزمه إذا أمضاه السلطان، وجدت هذه المسألة لابن القاسم بخط يد أبي عمر الإشبيلي، وهي صحيحة على أصولهم.
ومعنى قوله: إن ذلك يلزمه إذا أمضاه السلطان يريد ما لم يتباعد على ما مضى من قول مالك في مسألة الصياح، وبالله التوفيق.