فضع لي نصف دينار في كسوتها، ففعل، ثم إن الذي اشتراها باعها فقالت الجارية: للذي ابتاعها قد كان لي عند الذي باعني نصف دينار، قال ابن كنانة: قلت له: إن مالكا قد قال فيها يستحلف الذي باعها لقد باعها وهو نازع للنصف دينار منها.
قال مالك وأنا أسمع: صدق ابن كنانة قد قلته، ثم أخبرني ابن كنانة بعد أن مالكا نزع عنها وقال: أرى أن يؤخذ من البائع النصف دينار فيدفع إلى الجارية.
قال محمد بن رشد: حكم لما وضع البائع للمشتري في كسوة الجارية بحكم كسوتها ولم يحكم له بحكم مالها، إذ حكم مال العبد أن يكون بنفس البيع للبائع إلا أن يشترطه المبتاع على ما جاء في السنة الثابتة عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، ولا أراه مالا من مال المشتري الذي وضعه له، وذلك نحو ما في رسم يوصي من سماع عيسى من كتاب الأيمان بالطلاق، فيقوم من قوله الأول الذي قال فيه: إن البائع يستحلف لقد باعها وهو نازع للنصف دينار منها أن من باع عبدا وله عنده كسوة تشبه لبسته أنها لا تكون إلا بعد يمينه لقد باعها وهو منتزع لها، وكان القياس أن يكون له إذا باعه كسائر ماله إلا أن يشترطه المبتاع أو يشترط ماله فيدخل فيه على ما حملنا عليه ما وقع في رسم الوضوء والجهاد من سماع أشهب من كتاب الجهاد، وما وقع في رسم إن خرجت من سماع عيسى من كتاب التجارة لأرض الحرب، ووجه القول الذي رجع إليه أنه حكم للنصف دينار الموضوع في كسوتها بحكم ما كان عليها من الكسوة التي يبتذل مثلها عند البيع فيكون ذلك للمبتاع، وإن لم يشترطه على ما قال في أول سماع ابن القاسم من كتاب جامع البيوع، وهو في القياس بعيد أبعد من القول الأول، وبالله التوفيق.