بياض فيقول للبائع: احلف ما علمت به هذا البياض، فيقول: لا أحلف ولكن احلف أنت بالله الذي لا إله إلا هو ما رأيته فرضيته بعد الروية، فقال: لا أرى ذلك للبائع على المبتاع، لا أرى له عليه يمينا.
قال محمد بن رشد: قال إن البائع يحلف ما علم بالبياض، يريد وإن كان ظاهرا من أجل أنه بيع بيع براءة، وقد نص على ذلك في سماع يحيى، وإنما يختلف إذا لم يكن البيع بيع براءة حسبما مضى القول فيه في أول رسم من سماع ابن القاسم، ولم يبين هل ثبت قدم البياض الذي ظهر عليه أم لا، وقد اختلف في إيجاب اليمين عليه إن لم يثبت قدمه، فقيل: إنه لا يحلف في بيع البراءة إلا في الموضع الذي يجب الرد به في غير بيع البراءة، وهو أن يثبت قدم العيب عنده، وهو قول ابن حبيب في الواضحة، ومثله في كتاب ابن المواز، وقيل: إنه يحلف كما يحلف إذا لم يكن البيع بيع براءة وهو ظاهر هذه الرواية، ونص قول ابن القاسم في رسم أول عبد أبتاعه من سماع يحيى بعد هذا، وكذلك اختلف أيضا إن نكل عن اليمين، فقيل: إنه يرد عليه دون يمين، وهو قول مالك في كتاب ابن المواز، ومثله في الواضحة، وهو دليل قوله في هذه الرواية لا أرى له عليه يمينا؛ لأن ظاهره ألا يمين له عليه بحال على ظاهر ما جاء في حديث قضاء عثمان على عبد الله بن عمر من قوله فيه: فأبى عبد الله بن عمر أن يحلف وارتجع العبد.
وأما قوله في الرواية: إنه لا يمين له عليه أنه ما رآه فرضيه بعد الروية، فهذا مثل ما في المدونة، قال فيها: إنه لا يحلف له إلا أن يدعي أنه بلغه ذلك أو أن مخبرا أخبره بذلك، قال في العشرة بعد أن يحلف على ذلك فتكون يمينه على ذلك توجب له اليمين.
قال بعض المتأخرين: ويحلف لقد أخبره بذلك مخبر صدق، فإن كانت له بينة على إخباره إياه أو أتى بالمخبر فقال: هذا أخبرني سقطت عنه اليمين، وإن كان المخبر الذي أتى به غير عدل.