في هذا مخيرا، وإنما يكون الخيار فيه للبائع؛ لأنه يقول: إما أن ترد على جميعه، وإما أن تمسك الذي بقي في يديك وأنا أرد عليك ثمن العيب؛ لأني لا أرضى أن يرجع إلي نصف عبد وقد بعته تاما، ولم أكن أرضى أن يكون لي فيه شريك، فإنما الخيار في هذا إلى البائع إن شاء أسلم إليه جميعه وغرم ثمن العيب كله، وإن شاء أخذ النصف الذي بقي في يده وغرم نصف قيمة العيب، ولو في ذلك مخير؛ ألا ترى أنه لولا الصدقة التي دخلته لم يكن للمبتاع إلا أن يرده أو يمسك ولا شيء له في العيب إذا لم يدخله النقصان في بدن، ولو كان دخله مع الصدقة نقصان في بدن لم يكن في ذلك للبائع خيار ولزمه غرم قيمة العيب، وقد قال: لا أرى له خيارا، وكان مما احتج به فيه أن قال: إذا رد هذا النصف الذي بقي في يديه حتى صار أفضل منه كله قال: أنا آخذه وأرد نصف قيمة العيب في النصف الفائت بالصدقة، وإذا نقص قال: لا أرضى أن آخذه معيبا وأرد العيب كله، فلا أرى أن يكون الحكم فيه إلا واحدا، فعليه أن يرد نصف قيمة العيب للنصف المتصدق به فقط.
قال محمد بن رشد: أما النصف الذي فات بالصدقة فقد وجب على البائع أن يرد له نصف قيمة العيب لا كلام في ذلك، وأما النصف الذي بقي في يد المشتري لم يتصدق به ففيه ثلاثة أقوال؛ أحدها: أن البائع فيه مخير بين أن يسترده بنصف الثمن، وبين أن يتركه ويرد قيمة نصف العيب الثاني، وهو قوله في المدونة وأول قوله ههنا، والثاني: أنه لا خيار له في أخذه ويلزمه رد جميع قيمة العيب، وهو الذي يدر عليه قوله في أول كلامه، وقد قال: لا أرى خيارا يريد في أخذه، ويلزمه أن يرد جميع قيمة العيب؛ والثالث: أنه لا خيار له في تركه، ويلزمه أن يسترده بنصف الثمن، ويغرم نصف قيمة العيب للنصف الذي تصدق به فقط، وهو ظاهر قوله في