غيره فوجد به المشتري عيبا كان عند بائعه الأول، وقد فلس بائعه الثاني، فأراد المبتاع أن يرده على بائعه الأول أو يرجع عليه بقيمة العيب إن كان قد فات العبد في يديه بعتق، فزعم البائع المفلس أنه ابتاعه بذلك العيب، وادعى البائع الأول أنه باعه به ولا بينة على ذلك، لم يقبل قوله إلا أن يكون له بينة على ما زعم أنه ابتاعه بذلك العيب أو على إقرار منه بذلك قبل التفليس، وأما بعد التفليس فلا يقبل قوله إلا ببينة، وهو يرجع على البائع الأول بقيمة العيب إن كان قد فات أو يرده إن كان لم يفت.
قال محمد بن رشد: هذا كما قال إن للمبتاع الثاني أن يرجع على بائع بائعه إذا كان بائعه مفلسا؛ لأن غريم غريمه لو لم يكن مفلسا فرجع عليه لكان له هو أن يرجع عليه، ولا اختلاف في هذا، ونحوه في رسم الصبرة من سماع يحيى وفي رسم البيوع من سماع أصبغ، وقوله: إنه لا يقبل قول البائع الثاني بعد التفليس إن البائع الأول تبرأ إليه من العيب أو إنه باعه بيع براءة صحيح أيضا على أصولهم لا اختلاف فيه، إلا أنه إذا رده على الأول لا يأخذ منه إلا أقل الثمنين، فإن كان الأول باعه من المفلس بعشرة وباعه المفلس بخمسة عشر رجع على الأول بعشرة واتبع المفلس بالخمسة الباقية، وإن كان الأول باعه بخمسة عشر [من المفلس وباعه المفلس من هذا الثاني بعشرة] رجع على الأول بالعشرة التي كان له أن يرجع بها على المفلس، وكانت الخمسة للمفلس قبل الأول يأخذها منه غرماؤه من حقوقهم، وكذلك إن كان العبد قد فات لا يرجع على الأول إلا بالأقل من قيمة العيب من ثمنه الذي اشتراه به من المفلس يوم اشتراه منه أو الأقل من قيمة العيب من الثمن الذي باعه به من المفلس يوم باعه منه. هذا معنى قوله: وإرادته، وبالله تعالى التوفيق.