يعلم بالعيب فلا رجوع له فيه، إذ لم ينقص بسبب العيب شيئا، ولو نقص بسببه شيئا مثل أن يبين به وهو يظن أنه حدث عنده أو يبيعه وكيل له فبين به لكان له أن يرجع على بائعه بقيمة العيب، وإن كان قد باعه بمثل الثمن الذي كان اشتراه به أو أكثر، على قياس ما حملنا عليه قول ابن القاسم في رسم استأذن من سماع عيسى خلاف ما ذهب إليه ابن المواز من أنه يرجع [بالأقل مما نقص بسبب العيب أو من بقية رأس ماله وقد مضى هناك الاختلاف لما يرجع به] ، إذا رجع عليه، فأغنى ذلك عن إعادته ههنا، وأشهب يرى إذا باع ولم يعلم بالعيب فله أن يرجع على البائع بالأقل من قيمة العيب أو من بقية رأس ماله [وقد مضى] ، وكان القياس أن يرجع عليه بقيمة العيب بالغة ما بلغت؛ لأنه قد بقي له عند البائع فلا يسقط رجوعه عليه بقيمة ربحه في الباقي، وإنما هو في التمثيل بمنزلة من اشترى خمسة أثواب فدفع إليه البائع أربعة وأوهمه أنه دفع إليه خمسة كما اشترى منه، فله أن يرجع عليه بما يجب للثوب الذي بقي عنده من الثمن الذي دفع إليه، وإن باع هو الأربعة الأثواب التي أخذ منه بمثل الثمن الذي اشترى به منه الخمسة أو أكثر.
[وأما إذا مات العبد عند المشتري الثاني من العيب الذي دلس به البائع الأول ففي ذلك أربعة أقوال؛ أحدها: قوله في هذه الرواية: إن المشتري الأول يعدى على البائع الأول بجميع الثمن الذي أخذ منه، فيدفع منه للمشتري الثاني جميع الثمن الذي أخذ منه، ويكون له الفضل إن كان باعه بأقل مما كان اشتراه به، فإن كان باعه بأكثر مما كان اشتراه به غرم ذلك أي تمام ما أخذ منه، يريد إلا أن يكون ذلك أكثر من قيمة العيب فليس عليه أن يدفع إليه أكثر من قيمة العيب؛ لأنه لم يدلس له، فإن كان الأول معدما فأخذ الثالث من الثاني قيمة العيب على ما ذكر ثم أيسر الأول فلم يتبعه الثالث ببقية الثمن لم يكن للثاني على الأول إلا قدر قيمة العيب؛ لأنه لا مطالبة له بالتدليس إذ لم يطالبه به الثالث