للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القضاء، وفي هذه المسألة على أحد قوليه في هذا الأصل، من ذلك قوله في كتاب السلم الثاني، من المدونة، فيمن له على رجل طعام من سلم، فقال له: كله واجعله في غرائرك، أو في ناحية من بيتك، فقال: قد فعلت وضاع: إنه لا يصدق على أنه قد كاله، حتى يقيم البينة على ذلك؛ وقال فيمن كان له على رجل دين فقال: ابتع لي به حيوانا أو سلعة فقال: قد فعلت وتلف ذلك: إنه مصدق في ذلك، وذلك مثل قوله في مسألة اللؤلؤ، من كتاب الوكالات من المدونة، ومثل قوله في مسألة الرسول، من كتاب الرواحل والدواب، ومثل قوله في مسألة البنيان، من آخر كتاب الدور خلاف قول أشهب فيهما.

وأما قوله: وإن قال: لم أكن اخترت شيئا، فإنه يتهم ولا يقبل قوله، فأرى أن يغرم نصف الثوب الذاهب؛ لأنه لو ذهب الثوبان جميعا وادعى أنه لم يختر لم يصدق، وكان ضامنا لنصف ثوب كل واحد منهما؛ لأنه كان أمينا في نصف كل ثوب، فإنه وهم منه؛ لأنه إنما يضمن الواحد إذا تلفا جميعا، ونصف التالف إن تلف أحدهما على مذهبه، من أجل أنه أخذ الثوب الواحد على الشراء والضمان، والآخر على الأمانة؛ فلا معنى للتهمة في هذا الموضع عنده، وإنما ذهب وهمه إلى مسألة الذي يشتري الثوب من الثوبين، على أن يختار أحدهما، وهو فيه بالخيار يردهما جميعا إن شاء، فهاهنا يضمن بالتهمة، ولا يصدق أن التلف كان بعد أن لم يختر واحدا منهما، وكان على صرفهما، ولو كان الضمان ساقطا عنه فيما تلف قبل أن يختار؛ لوجب أن يصدق في ذلك، وسقط عنه الضمان على قياس قوله في أنه يصدق إذا ادعى أنه قد كان اختار هذا الباقي، فهذا ما لا إشكال فيه.

وسحنون يذهب إلى أن ما تلف في هذه المسألة قبل الاختيار، وقامت على تلفه بينة، فالمصيبة فيه من البائع، بمنزلة الثوب المشترى بالخيار يضيع في أيام الخيار؛ لأنه جعل ذلك، وإن كان قد وجب على المبتاع أحدهما بمنزلة من اشترى شيئا على الكيل، فتلف قبل الكيل، يقوم ذلك من قوله في المدونة؛

<<  <  ج: ص:  >  >>