فإن وقع ذلك وخاطها في أقل من عشرة أيام، لم يلزمه أن يعمل بقيتها للمستأجر؛ لأنه يقول: إنما أتممتها في أقل من عشرة أيام؛ لأني أجهدت نفسي ما لم يكن يلزمني لك في استئجارك إياي، وبكرت في الابتداء، وأخرت في الانتهاء، وكذلك إن خاطها في أكثر من عشرة أيام، لم يلزم المستأجر أن يحسب له تلك الأيام الزائدة على العشرة الأيام؛ لأنه يقول له: فرطت وتوانيت، ولذلك لم تتمها في العشرة الأيام، ولو اجتهدت الاجتهاد الذي كان يلزمك لي في إجارتك لفرغت منها في أقل من عشرة أيام، وكان وجه الحكم في ذلك أن ينظر إلى تلك الأثواب، فإن قال أهل البصر والمعرفة بالعمل: إنها تتم على الاجتهاد المعروف في خمسة أيام؛ لزم الأجير أن يعمل لرب العمل بقيمة العشرة الأيام، وإن قالوا: إنها لا تتم في أقل من عشرة أيام على الاجتهاد المعروف، لم يلزمه أن يعمل له ما بقي منها؛ وكذلك إن عملها في أكثر من عشرة أيام، فقال أهل البصر والمعرفة: إنها لا تتم في أقل مما خاطها فيه على الاجتهاد المعروف، لزم المستأجر أن يحسب له تلك الأيام الزائدة على العشرة الأيام، وإن قالوا: إنها تتم في العشرة الأيام، أو في أقل منها لم يلزمه أن يحسب له تلك الأيام في شهوره.
ولو أعطاه الثياب فقال له: إن خطتها في أقل من عشرة أيام، فبقيتها لك، وإن لم تتمها في عشرة أيام، لم يلزمك شيء، لجرى ذلك على الاختلاف في الرسول يزاد بعد عقد الإجارة على الإسراع في السير والبلوغ إلى البلد في وقت كذا وكذا حسبما يأتي القول فيه في رسم سلف من هذا السماع بعد هذا.
ووجه تخفيف ذلك اليسير اليوم ونحوه الذي يعلم أنه إن اجتهد فيه فرغ منه بين؛ لأنه إن لم يفرغ منه علم أنه فرط، ولم يجتهد الاجتهاد الذي كان يلزمه، فكان من حق المستأجر ألا يحسب له من اليوم الآخر ما أتمه فيه، وإن فرغ قبل تمامه علم أنه كان لإجهاده نفسه، فكان له بقية يومه، وبالله التوفيق.