ذلك يحيى، وأنا أراها بعد السلام، قيل: والذي سألتك عنه من أنه لما ذهب ليجلس في الثالثة رأى من خلفه، قد قاموا فقام، فقال: نعم يسجد في ذلك سجدتين بعد السلام، وذلك يختلف عندي، أما الرجل الذي جلس مجمعا على الجلوس ذلك أراد، فهذا الذي أرى عليه سجدتي السهو، وأما الرجل الشاك الذي إنما يتذكر في جلوسه يريد أن ينظر إلى ما يصنع الناس، فلا أرى على هذا سهوا.
قال محمد بن رشد: أوجب مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - سجود السهو على من اطمأن جالسا ساهيا في الركعة الأولى أو الثالثة، ولم يراع قول من يرى ذلك من سنة الصلاة؛ لضعف الاختلاف في ذلك عنده، وقد بينا قبل هذا وجهه، وقال: الجلوس في موضع القيام على القيام في موضع الجلوس، فأوجب في ذلك السجود على ما حكي عن أنس بن مالك، وإن كان قبل أن يعتدل قائما؛ لأن السهو في قيامه وإن لم يعتدل قائما أكثر من السهو في جلوسه إذا لم يطمئن جالسا، مع ما في ذلك من الاختلاف. وقد اختلف فيمن قام في ركعتين من صلاة رباعية على قولين: أحدهما أنه يرجع ما لم يعتدل قائما وإن فارق الأرض على ما فعله أنس، ومثله في آخر هذا الرسم، وقاله ابن حبيب، والثاني قول ابن القاسم: إنه يرجع ما لم يفارق الأرض، ولا اختلاف أنه لا يرجع إذا اعتدل قائما، وإنما يختلف فيما يجب عليه إن رجع جاهلا، فقيل: إنه يعيد الصلاة، وهو قول عيسى بن دينار ومحمد بن عبد الحكم، حكى ذلك عنهما ابن الجلاب في مختصره، وهو قول ابن سحنون أيضا في " النوادر "، وقيل: إنه يسجد سجدتي السهو بعد السلام، وهو قول مالك في آخر هذا الرسم، وقيل: إنه يسجد قبل السلام؛ لأنه زاد الجلوس بعد أن نقصه، فاجتمع عليه نقصان وزيادة، وهو قول أشهب وعلي بن زياد، وقد روي عن مالك من رواية ابن وهب وابن أبي أويس أنه راعى الاختلاف في ذلك، أعني في الذي جلس في وتر من صلاته ساهيا،