بكتاب إلى ذي المروة على أن يسير له في يومين، ويدفع إليه دينارين، فكره ذلك وقال: لا يعجبني هذا الكراء، أرأيت إن تأخر كيف يصنع؟ ما يعجبني هذا. قال ابن القاسم: ويعطيه على اجتهاده. وكذلك الإبل تتكارى والدواب ليس يضرب في ذلك أجل.
وسألته عن الرجل يتكارى الرجل بدينار على أن يبلغ له كتابا إلى بلد، فيقول: أما الدينار فلك ثابت، وإن بلغته يوم كذا وكذا فلك زيادة نصف دينار، قال: لا أحب ذلك وكرهه. قال سحنون: لا بأس بذلك بعد وجوب الكراء.
قال محمد بن رشد: أما الذي يستخيط الرجل الثوب بأجر مسمى ثم يزيده بعد ذلك على أن يعجله له، فلا إشكال في أن ذلك جائز؛ لأن تعجيله ممكن له، ولا ينبغي له أن يتعمد تأخيره ومطله إضرارا به لغير سبب، وله أن يتسع في عمله ويؤخره لعمل غيره قبله، أو للاشتغال بما يحتاج إليه من حوائجه على ما جرى من عرف الصناع في التراخي في أعمالهم، فإذا زاده على أن يتفرغ له ويعجله جاز؛ لأنه أخذ ما زاده على فعل ما يقدر عليه ويجوز له، ولا يلزمه.
وأما الذي يزيد الأجير على تبليغ الكتاب بعد عقد الإجارة زيادة على أن يسرع السير، فيبلغه في يوم كذا وكذا، فكرهه مالك ورآه بخلاف الزيادة على تعجيل الثوب، ومعناه إذا لم يكن على يقين من أنه يدرك الوصول به ذلك اليوم إذا أسرع السير؛ لأنه يجهد نفسه في الإسراع ما لا يلزمه على غير يقين من حصول الزيادة له في ذلك، وهو غرر، ولو كان على يقين من أنه يدرك إذا أسرع لجاز بمنزلة الثوب. ولو قال له في الثوب: إن أتممت خياطته اليوم فلك زيادة نصف درهم، وهو لا يدري إذا أجهد نفسه في