للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له مكانها أخرى. قلت له: أرأيت الرجل يتكارى الدابة بعينها إلى المكان؟ قال: لا بأس بذلك. قلت: أرأيت إن هلكت الدابة؟ قال: يرجع على صاحبه بما بقي من الطريق، فيأخذ حصته من ذلك من الكراء. وكذلك إن استأجر الخادم تخدمه سنة، فتموت هو مثل الدابة. قلت: فما فرق بين هذا وبين الأول؟ قال: لأن هذا إنما هلك الذي استأجر بعينه، والأول إنما هلك غير المستأجر، وغير المستأجر يقول: إنما هلك ثوب لم أكركه، أو دابة لم أكركها؛ وهاهنا إنما هلكت الدابة بعينها والغلام بعينه، فكل إجارة تكون إذا مات غير المستأجر أو المواجر انفسخت، فلا خير فيها.

قال محمد بن رشد: الاستئجار على الأعمال في الأشياء المعينات تنقسم على أربعة أقسام:

أحدها: أن يستأجره على عمل في شيء بعينه، لا غاية له إلا بضرب الأجل فيه، وذلك مثل أن يستأجره على أن يرعى له غنما بأعيانها، أو يتجر له في مال بعينه شهرا أو سنة، وما أشبه ذلك، فهذا اختلف في حد جواز الإجارة فيه، فقيل: إنها لا تجوز إلا بشرط الخلف، وهو مذهب ابن القاسم، وروايته عن مالك في المدونة وغيرها، وقيل: إنها تجوز بغير شرط الخلف، والحكم يوجب الخلف، وهو قول سحنون، وابن حبيب، وأشهب في رسم البيوع والصرف، من سماع أصبغ. فهذا حكم هذا الوجه، إلا في أربع مسائل؛ فإن الإجارة تنفسخ فيها بموت المستأجر له؛ أحدها: موت الصبي المستأجر على رضاعه. والثانية: موت الصبي المستأجر على تعليمه. والثالث: موت الدابة المستأجر على رياضتها. والرابعة: من استأجر رجلا على أن ينزي له أكواما معروفة على رمكته، فتعق الرمكة قبل تمام الأكوام؛ فإن الإجارة

<<  <  ج: ص:  >  >>